بكين - رويترز
أظهر الاقتصاد الآسيوي مناعة ملحوظة ضد تباطؤ النمو في الولايات المتحدة.، فقد عززت فترة طويلة من النمو القوي تتصدرها الصين والهند الطلب العالمي على الطاقة مما ساهم في ارتفاع سعر الخام إلى مستويات قياسية تجاوزت 130 دولاراً للبرميل، كما ارتفعت أسعار المعادن والحبوب والأرز في الآونة الأخيرة.
وأنفقت كثير من الدول المنتجة للموارد الطبيعية جانباً من إيراداتها الاستثنائية على صادرات من آسيا ليحل الطلب من جانبها محل الطلب من أمريكا والذي يتباطأ منذ أكثر من عام مع تأثر الاقتصاد بأزمة الرهون العقارية عالية المخاطر، ورغم ذلك اشترت الولايات المتحدة وأوروبا واليابان ما يزيد قليلا على 40% من الصادرات الآسيوية في 2007 انخفاضا من نحو 50% عام 2000م.
ويقدر اندي روزمان من مؤسسة سي.أل.أس. إيه في شنغهاي أنه بالنسبة للصين فإن إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية تشتري الآن من بضائعها أكثر من اليابان كما تمثل تلك المناطق 20 % من نمو الصادرات الصينية أي أكثر من الولايات المتحدة نحو أربع مرات، وارتفعت أسعار النفط بشكل خاص إلى مستويات عالية جدا حتى إن الحكومات تذعن الآن وتخاطر بإثارة اضطرابات من خلال زيادة سعر الوقود للمستهلكين.
وقال روب سابرامان الخبير الاقتصادي في الشؤون الآسيوية لدى ليمان براذرز والمقيم في هونج كونج: (كلما طال أمد التضخم في آسيا... زاد التأثير السلبي على النمو)، وقال سابرامان: إنه إذا امتصت الحكومات ارتفاع تكاليف النفط والغذاء فسوف تتدهور موازين التجارة والمال وإذا فعلت الشركات ذلك فستتراجع هوامش الربح، وإذا حملت الشركات المستهلكين ارتفاع الأسعار فستنخفض القوة الشرائية، وإذا طالب العمال برفع الأجور لتعويض الزيادة في الأسعار فقد يتفشى التضخم في الاقتصاد مما يؤدي إلى تشديد السياسة النقدية، وأضاف: (المخاطر في اتجاه تباطؤ نمو اقتصاد آسيا... في موقف صعب)، ويتزامن تحدي التضخم مع تفشي تباطؤ الاقتصاد في العالم الصناعي.
وأظهرت استطلاعات في ألمانيا نشرت نتائجها الجمعة الماضي أكبر انخفاض في المشاريع قيد التنفيذ منذ يوليو 2003 بينما تراجع إنفاق المستهلك الفرنسي بشكل غير متوقع في إبريل وذلك للشهر الثاني على التوالي.
وقال جاري ايفانز خبير أسواق الأسهم في المنطقة لدى اتش.أس.بي.سي والمقيم في هونج كونج: (العامل المهم في الوقت الحالي هو حجم التباطؤ في الصادرات الآسيوية إلى الاتحاد الأوروبي لأنها لا تزال تنمو نحو 20%).
وقال صندوق النقد الدولي يوم الجمعة: إنه يتوقع تباطؤ النمو في اليابان أيضا بسبب الضعف العالمي وتراجع التجارة، وحدد دانيال سيترين نائب مدير قسم آسيا والمحيط الهادي بصندوق النقد الأسواق الصاعدة باعتبارها أكثر الأسواق الواعدة لقطاع التصدير الياباني المهم.
وعلى الجانب الإيجابي أيضا فإنه يتوقع للعوامل الأساسية القوية للاقتصاد الآسيوي أن تمكن الطلب المحلي من تخفيف آثار تراجع الصادرات إلى الدول المتقدمة، وتواجه أغلب البلدان تضخما في فائض ميزان المعاملات الجارية ولديها احتياطيات هائلة تمكنها من تعويض أي خروج جماعي لرأس المال كما خفضت كثير من الشركات مستويات الديون منذ الأزمة المالية في عام 1997 وباتت الأنظمة المصرفية أكثر قوة الآن.
ولذلك فإن حالة التباطؤ المتواضع الذي يمكن السيطرة عليه هذا العام في آسيا تبدو مقبولة بفرض أن أسعار السلع والنفط ستتراجع إلى مستوى يكفي لتهدئة التضخم مع عدم تراجع الطلب من الدول المنتجة.
وقال ايفانز: إن سوق الأسهم لا تزال تتوقع نمو أرباح أسهم الشركات الآسيوية غير اليابانية بنسبة ستة في المائة هذا العام وإن كان ذلك انخفاضا من 20% في عام 2007م.
وأضاف أن توقعات أرباح السهم تراجعت بنسبة سبعة في المائة منذ ارتفعت أسواق الأسهم في المنطقة إلى أعلى مستوياتها في نوفمبر تشرين الثاني، وتابع أنه بالمقارنة مع ذلك وبالنظر إلى الركود الذي حدث في عام 2001 والذي نتج عن انفجار فقاعة أسهم شركات التكنولوجيا فإن توقعات الأرباح بعد ستة أشهر من صعود السوق إلى ذروتها تراجعت بنسبة 15%.
وقال: (الإجابة على فك الارتباط هي أن الوضع ليس أبيض أو أسود. لن تتجنب آسيا التباطؤ كلية لكنها قد لا تبطأ كثيرا).