انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تخص الكتابة في الأنساب، وتحديد انتماءات الناس في قبائل وبيوتات، وهي على كثرتها يلاحظ عليها ضعف العنصر العلمي، فأغلبها يقوم على التكرار وعلى إثبات معلومات بعضها عليه نقد شديد في كتب التاريخ، وبعضها غير مقبول عندما ينظر إلى ما تحتوي عليه هذه المعلومات.
والضعف السائد في التأليف عن الأنساب يعود إلى رغبة بعض المؤلفين في الشهرة أو إلى إثبات أمور من منطلق رغبات شخصية.
ولو قارنا كتب الأنساب هذه بما كان السلف يعمل له لوجدنا الاختلاف بيّن. فهناك نجد التوثيق والتحقيق والمتابعة الدقيقة والحرص على التأكد من انتساب الأشخاص إلى الذين ينتسبون إليهم وذلك لوجود متابعة عند من يكتبون في أنساب القبائل، ووجود نقابات أو مشيخات للأسر التي تنتمي إلى شخصيات معروفة، وعادة ما يكون هؤلاء من النسابين الذين يعتد بهم، والمشهود لهم بالصلاح والصدق.
وفي كل الأحوال رغم أنني لا أذهب إلى أن مثل هذه الأعمال غير مطلوبة، إلا أنني أرى أن كثرتها وإسفاف بعضها أصبح ظاهرة وأدى إلى انشغال الناس بأمور ليست مطلوبة في مثل هذا الوقت.
إن الكتابة في الأنساب مثلها مثل غيرها من الموضوعات تحتاج إلى موضوعية وتحرٍ وصدق وبعد عن اللمز والغمز والتفاخر والرغبة في الشهرة. ولو تحول الأمر إلى نمط تسوده المنهجية الصحيحة والعلمية لكان الأمر مقبولاً؛ لأن ذلك سيعد موضوعاً من الموضوعات التي تدرس وفق منهج دقيق ومحكوم.