كل طالبة تزهر في الفصول الآن أو تومض وراء مقاعد الدراسة، أو تسمق بجانب السبورة، أو تحمل المشرط بيمينها أو لربما تسطر بأوراقها تفاصيل مشروع كبير، بل كل متعلمة سعودية.. عندما يومض أمامها اسم (عفت الفيصل) تخضر في قلبها حديقة، ويعشب حقل.
معرض (شاهد وشهيد) الذي يوثق سيرة الملك فيصل - يرحمه الله - فتح لنا بابا مواربا على تجربة هذه السيدة العظيمة التي أسهمت في إضاءة قناديل دروب كانت دامسة لأجيال مديدة، ومهدت وأمنت دروبا كانت تحدق بها الذئاب والسعالي.
ويبدو أن مشروعها الكبير لم يتوارى أو يندثر، بل من خلال كريماتها مازلنا نرى روحها تخفق في المكان، فوجه ابنتها الأميرة (لولوة الفيصل) الذي يشرق علينا في المؤتمرات الدولية كواجهة نبيلة لسيدات هذا المكان، يعكس صورة نساء اكتملت إرادتهن وأهليتهن، وأصبحن هن الامتداد لجداتهن التاريخيات الحرائر، وليس الجواري المكفنات بالخطيئة والوصاية.
ولعل كلية عفت هي معلم آخر ينتصب رمزاً لتلك السيدة، فباتت كليتها واجهة حضارية معروفة على المستوى الأكاديمي العالمي، والخبر الذي وافتنا به الصحف الأسبوع الماضي حول فوز فريق كرة السلة النسائي في كلية عفت، لهو مؤشر واضح على أن الحرائر يخترن الفضيلة وهن بتمام الوعي والأهلية، وأن الدنس لا ينبت ويتكاثر إلا في الأماكن المظلمة الدامسة.
عفت الفيصل، التي سمقت من خلال كليتها في المنطقة الغربية كواحة نخيل، تبقى الرياض تنتظر لمساتها على المكان.. تنتظر مركزاً ثقافيا يخلد سيرة واسم تلك المرأة ويكمل تخصيب المكان بينبوعها، ويثبت ويرسخ مشروعها الكبير لنساء هذا الوطن.
الرياض تحتاج إلى مركز ثقافي تحت مظلتها واسمها ليكون دوحة للأنشطة التعليمية والثقافية والرياضية، وواحة تحتضن المواهب الواعدة، والحقول المحملة بوعود الحصاد.
الرياض بحاجة.. إلى روح عفت تخفق في المكان.