دبي - أحمد يوسف
قال المفكر المعروف فهمي هويدي إن آفاق السلام بين العرب وإسرائيل مسدودة، ولا يوجد ما يشير إلى أن ما يسمى الحل التاريخي بين الجانبين قد أوشك على الإنجاز في هذه المرحلة.
وذكر في حديث ل(الجزيرة) أن المؤشرات التي تدعوه إلى التشاؤم من إمكانية السلام مع إسرائيل عديدة، وأهمها أن إسرائيل نفسها لا ترغب في إقامة هذا السلام، وهي تصر على فرض تسويات إقليمية مجتزأة على العرب، ونسف حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق العودة والقدس وسرقة الضفة الغربية عن طريق إقامة كانتونات منعزلة، يفصل بينها المستوطنات الأمنية، والمدن الإسرائيلية الجديدة، وجدار الفصل العنصري.
وأضاف أن إسرائيل لا تعترف بأن الأرض التي احتلتها عام 1967 عربية، ولكنها أرض متنازع عليها، ومن هنا حين تتحدث عن تنازلات مؤلمة فإنها تعني إقامة تجمعات فلسطينية في أرض إسرائيل، وهذه التجمعات ترتبط بإسرائيل أمنياً واقتصادياً حيث يتحول السكان إلى مجموعة من الرعايا المحاصرين في سجن كبير أو شيء اسمه دولة أو حتى إمبراطورية فلسطينية.
وأكد هويدي أن هذا الشكل من التسوية التي تسعى إليها إسرائيل لا يستجيب لأدنى الحقوق الفلسطينية والعربية، ولا لاتفاقية جنيف الرابعة، وميثاق الأمم المتحدة، أو القرارات الصادرة عن مجلس الأمن بخصوص القضية الفلسطينية.
وأضاف أن المؤشر الثاني في عدم حدوث تقدم في عملية السلام هو قرب انتهاء ولاية الرئيس بوش المنحاز أصلاً لإسرائيل، وانشغال الرئيس الجديد وإدارته في ترتيب البيت الداخلي، حيث يتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، والسلام بين العرب وإسرائيل.
ودعا هويدي إلى توحيد الصف الفلسطيني، والإبقاء على الثوابت، مؤكداً أن إسرائيل ما هي إلا مرحلة في تاريخ العرب المعاصر.
وبشأن الوضع اللبناني ذكر أنه لا بد من إبعاد لبنان عن لعبة التجاذبات الإقليمية والدولية، والعودة بأبنائه إلى الحاضنة الوطنية، والارتفاع فوق نزاعات الطائفية السياسية التي تزرع الكراهية والبغضاء والتحشيد ضد أبناء الوطن الواحد، محذراً من أن انفجار الوضع اللبناني سوف يغرق البلد في أتون حرب أهلية، ويؤثر تأثيراً سلبياً على الوضع العربي برمته.
وفي سؤال عن جدلية التجاذب والصراع بين الديني والمدني على الساحة العربية ذكر أن المتغيرات الدولية لعبت دوراً كبيراً في وجود مثل هذه المسألة، لافتاً إلى أنه لا يعرف الفواصل بين الديني والمدني، ولا يعرف من يقف في أي صف طالما أن الجميع له تصورات ذهنية مختلفة، وضرب أمثلة على ذلك بما يحدث في الجزائر وطالبان ومصر. وقال: لا نملك ترف إحداث مثل هذه القسمة بين الديني والمدني في مجتمعاتنا العربية والإسلامية المعاصرة، لأن التحديات القائمة تدفع بالجميع إلى مربع واحد، ولا أخفي دهشتي واستغرابي من الزج بما يسمى صعود التيار الديني وكأنه نجاسة ثقافية.
وتساءل هويدي حين تكون بعض الأحزاب الدينية محظورة في بلد ما، وهذا البلد مليء بالفساد، أين المحظور من غيره في هذه الحالة. ودعا هويدي إلى التفكير بمنطق استثمار الطاقات الإيجابية لدى كافة الاتجاهات السياسية الدينية منها وغيرها للتغلب على المشكلات والهموم مثل الاحتلال والفساد والاحتكار والاستبداد وتشرذم الوضع العربي برمته.