Al Jazirah NewsPaper Friday  23/05/2008 G Issue 13021
الجمعة 18 جمادى الأول 1429   العدد  13021
تعليق على تعليق
د. سعد بن محمد الفياض

كنت في أحد المجالس فشدني كلمات المعلق الرياضي الأستاذ ناصر الأحمد أثناء تعليقه لإحدى مباريات الدوري السعودي حيث كان يوجه بعض النصائح للاعبين كحثهم على التعوذ بالله، وعلى قراءة الأذكار، والدعاء قبل وأثناء المباراة نظراً لما شاهده من كثرة السقوط والإصابات، ولي مع هذا التعليق تعليق آخر! ووقفة أخرى!؛ وكما قيل العقل السليم في الجسم السليم، فإن الشخصية السليمة الكاملة هي التي تكون مكتملة من جميع الجوانب؛ الجسمية والعقلية والنفسية والروحية، لذا ما أجمل أن يكون المعلق ذا تعليق هادف، ويجمل عندما يراعي فيه حاجيات الإنسان كله، المهارات الرياضية وبجانبها العلاقات الإنسانية ويحيط بها الأخلاق الكريمة، كم هو جميل أن يعطر المعلق الرياضي حديثه ببعض الفوائد والدرر التي تزكي النفوس، وتغذي القلوب، تجده في تعليقه يجمع بين الرياضة والسلوك، والروح والبدن (فالصلاة نور) وهي زاد القلوب، وقرة العيون، وبهجة النفوس، (والابتسامة في وجه أخيك لك صدقة) و(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) والأخلاق الحسنة (أعظم ما يثقل ميزان العبد) والدعاء عبادة وبالذكر تطمئن وتسكن القلوب (ومن قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء). المعلق الحاذق هو الذي يعلق على كل ما تلتقطه عدسات (الكاميرات) ولا يتوقف عند كاميرا واحدة!! فإن رأى منظراً سلبياً سواء من اللاعبين أو جمهور المدرجات علق عليه وبين سلبيته ووجه النصائح إليه؛ وإن رأى منظراً إيجابياً شكر صاحبه وعزز هذا السلوك بل وحث عليه، ما أجمل أن يسعى المعلق إلى التخفيف من الحالة التي يكون عليها بعض المشجعين الذي يصح أن يطلق عليها (هوس رياضي)!! لا تشجيعا رياضيا من خلال توضيح الهدف من الرياضة، وأنها وسيلة للتعارف والالتقاء، الغاية منها بث المحبة وإشاعة روح الألفة، وليست أساسا للفوز أو غاية للانتصار، كم هو عظيم في المعلق أن يزرع في قلوب الجماهير أن الحب والمودة، والولاء والبراء لا يكون للشعار الرياضي الذي ينتمي إليه اللاعب!! بل المعيار في حب اللاعب هو كونه قدوة في التزامه وسمته، وأقواله وأفعاله، وأخلاقه وتعامله مع زملائه اللاعبين بغض النظر عن الشعار أو النادي الذي ينتمي إليه. إن المعلق وهو يعلق على المباراة ليس المقصود من تعليقه هو وصف الأحداث بأوصافها أو تسمية المجريات بأسمائها، فالمشاهد يعرف أن (الكرة مستديرة) وأنها إذا وضعت في الشباك صار (هدفا) ويعرف الخطأ و(ضربة الجزاء) ويميز بين (لوني الكرت الأحمر والأصفر) ويعرف أن أحد الفريقين أفضل من الآخر! ونحن لا نريد من المعلق أن يصف المباراة وصفاً كروياً بحتاً جامداً من المشاعر! فارغاً من الأحاسيس! نريد وصفاً كروياً تربوياً ثقافياً.. يزيد من حصيلة المتلقي وينمي لديه الشعور بالخير، ويزرع في قلبه المعاني الجميلة من الأخلاق الحسنة، والروح الطيبة، والنصيحة الصادقة المثمرة.. نريد الوصف الكروي الممتع البعيد عن اللمز والهمز، والتشنج وعدم العقلانية الذي مردوده لا يقف عند صاحبه الذي خلف (الميكروفون) فقط! بل يتعداه إلى أولئك المشاهدين خلف الشاشة وخصوصاً من الصغار والناشئة.. التي توغر صدورهم بهذا التهيج الكروي! وتملأ نفوسهم بهذا الهوس الرياضي! والتي نتائجها لا تحمد عقباها!! أخيراً شكراً لناصر على هذه اللفتات الجميلة، وشكراً لكل من جعل منبره منبر ثقافة وتربية، وفائدة وحكمة والكلمة الطيبة صدقة ينال بها المنازل العالية وهو لا يشعر {مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء..}.



Saad.alfayyadh@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد