قيل: المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه |
|
وقيل: وإن باب أمر عليك التوى - فشاور لبيباً ولا تعصه. |
يسأل سائل: ولماذا استشير وقد وهبني الله عقلاً وفكراً؟ |
جواب هذا السائل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الخلق أمره الله تعالى باستشارة أصحابه، فكيف يستغني عنها غيره؟ |
إذا نخلص إلى أنه لا غنى لأحد منا عن استشارة من حوله لأمر أشكل عليه أو أزمة مر بها، وهل يخلو أحد من إشكال؟ |
يتفرع الحديث وتتشعب الأفكار عند التطرق لموضوع الاستشارة، وسأركز على أمرين أراهما أهم من غيرهما في باب الاستشارة. |
الأمر الأول: فوائد الاستشارة: |
1 - الاستشارة بحد ذاتها عبادة لله، إذا توافر فيها الإخلاص، لأن الله أمر بها وفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم فشاور أصحابه رضوان الله عليهم. |
2 - في الاستشارة اكتشاف للعقول الناضجة النابغة، كما أثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه إذا أهمه أمر قال لعبدالله بن عباس رضي الله عنهما: (غص غواص). |
3 - الاستشارة تؤدي إلى تأليف القلوب، فقد يستشير من هو أعلم من المستشار تحبباً وتقرباً إليه. |
4 - فيها بعد عن المخاطرة، والتوحد بالرأي. |
5 - في الاستشارة استعارة لعقول الآخرين، فيكون للمستشير عقول. |
6 - في الاستشارة تدريب للمستشار على التفكير والتأمل. |
7 - غُنْم الاستشارة للمشير وغرمها على غيره، وقد قال أحد الشعراء: |
وأكثِر من الشورى فانك إن تُصب |
تجد مادحاً أو تخطئ فتُعذر |
الأمر الثاني: صفات المستشار: |
كما أن فوائد الاستشارة كثيرة، فصفات المستشار كثيرة أيضاً ومنها: |
1 - التقوى والصلاح فمن شاور أهل الفساد والهوى فهو: |
كالذي شاوَرَ الدُجى في سُراهُ |
وَاستغشَّ النُجومَ والأقمارا |
2 - أن يكون المستشار ذو علم واطلاع بأمر الاستشارة. |
3 - الأمانة وكتمان سر أو أسرار المستشير: (المستشار مؤتمن). |
4 - اجتناب الهزل والجدية في الأمر، مهما كان أمر الاستشارة، فهي مسؤولية وأمانة. |
5 - أن يكون ناصحاً للمستشير وصادقاً معه فإن رأى أنه لا يستطيع أن يبدي رأياً لأي سبب فليعتذر. |
6 - استئذان المستشير في الاستعانة برأي آخر أو آخرين عند عدم معرفته للحق والصواب. |
7 - طلب تفصيل الأمر، والتدقيق في كل صغيرة وكبيرة منه حتى يصل إلى النتيجة أو الرأي الأمثل والأصح. |
|
|
شاور أخا الحزم إن تُدهى بمشكلةٍ |
فالمستبدون لا يخلون من ندمِ |
ليس التفرّد بالآراء ممتدحاً |
ولو تفرد مبدي الرأي بالحكمِ |
فالحزم بالرأي أن تبدى مشاورة |
إلى الثقاة أولى الإرشاد والهممِ |
إن يشكل الأمر شاور من به ثقة |
ديناً ورشداً فتأمن زلة القدمِ |
|