التقرير الأخير للمؤشر العالمي للسلام الذي يقيم النزعة السلمية في 140 بلداً، مقارنة مع الدول الأخرى ومستوى هدوئها الداخلي، يشير إلى أن العالم في 2008م يبدو أكثر سلماً بشكل طفيف. إلا أن عالمنا العربي يبدو للمتابع بأنه أمني ليس أحسن حالاً في هذه السنة من السنوات التي قبلها إن لم يكون أسوأ. والدليل أن أخطر 10 مناطق في العالم، نصفها يقع في دول عربية!
وهذا ليس بمستغرب، فمشاكل الدول العربية تكاد لا تنتهي، بل إنها متجددة ومتصاعدة، وكلما هدأت واحدة، ثارت أخرى، وكأن هناك اتفاقاً وإصراراً على إبقاء العالم العربي، منشغلاً بالأزمات الطاحنة.
والمشاهد للواقع العربي يجد أنه يتضمن كافة أشكال الصراعات، فبعض دوله ترزح تحت احتلال أجنبي، كفلسطين التي تعيش هذه الأيام الذكرى الستين لنكبتها، والعراق المنكوب هو الآخر باحتلال أجنبي غير مشروع منذ عام 2003 جعله مرتعاً للجماعات الإرهابية. في حين أن دولاً أخرى تعاني من حرب أهلية شاملة أو جزئية كالصومال الذي لم ير استقراراً منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي، ولم تفلح نحو عشر محاولات لإعادة السلام إلى هذا البلد.
والسودان الذي أوقعت الحرب الأهلية بين جنوبه وشماله 1.5 مليون قتيل خلال 21 عاماً، كما أضعفت اقتصاده إلى حد كبير، هذا عدا عن الحرب الأهلية في دارفور التي أوقعت منذ 2003م نحو 300 ألف قتيل بحسب الأمم المتحدة. واليمن الذي يشهد اقتتالاً بين الحكومة والمتمردين الحوثيين الزيديين منذ 2004 مما أسفر عن آلاف القتلى. ومن أشكال الصراع التي يعايشها العالم العربي ما كان يعانيه لبنان حتى وقت قريب من أزمة سياسية طاحنة، تتحول أحياناً إلى اشتباكات مسلحة تجعله تحت تهديد اشتعال حرب أهلية تعيد الذكريات المأساوية للحرب الأهلية السابقة التي امتدت من 1975 وحتى 1990م.
ونأمل أن يكون اتفاق الدوحة اتفاقاً دائماً وألا يتعرض لخروقات من بعض الأفرقاء، ويشعل الأزمة من جديد.
واختلفت الرؤى حول هذه الأزمات والمشاكل، هل هي بسبب مؤامرات خارجية تستهدف إضعاف العالم العربي من أجل مصالح إسرائيل والغرب، أم أنها تعود لعوامل داخلية بسبب تركيبة المجتمعات المعقدة، والصراع على السلطة والموارد وما إلى ذلك مما يدور حوله الصراع؟
وبغض النظر عن إجابة هذا السؤال، فإن الشعوب العربية تاقت إلى إزالة كل أسباب التوتر والحروب في عالمنا، واشتاقت إلى الأمن والطمأنينة والاستقرار.
a-khail@hotmail.com