الطائف - خلف سرحان
بعد حضوري لفعاليات برامج الطفل التي أقامها أدبي الطائف يوم الثلاثاء الثامن من شهر جمادى الأولى، ويعتزم استكمالها في الثلاثاء التالي، تذكرت عبارة للمعلق الرياضي القدير الأستاذ علي داود: (سوء التنفيذ تشفع له حلاوة الفكرة) وذلك تعليقا منه على حركة ذكية قام بها أحد اللاعبين ولكنه فشل في تنفيذها!
أدبي الطائف ومن خلال اللجنة النسائية فيه تبنى فكرة إقامة عدد من الفعاليات الموجهة للطفل وكانت النية تتجه لإقامة مهرجان كامل عن الطفل، وهي فكرة غير مسبوقة على حد علمي في برامج أنديتنا الأدبية وهذا من أسرار جمالها، ولكن ولأسباب مختلفة نفذت تلك الفكرة بشكل مبتسر وأشبه ما يكون ب (بروفة) لمنتدى أو ملتقى ليس أكثر وللعلم فالنادي لم يقم منذ تشكيله الجديد - قبل عامين تقريبا - بإقامة أي منتدى أو ملتقى.
جميع المشاركين في الندوة الثقافية المصاحبة كانوا من داخل محافظة الطائف وحفل افتتاح معرض (رسوم الأطفال) لم يحضره إلا راعي الحفل الأستاذ سالم بن هلال الزهراني مدير تعليم البنات بالطائف برفقة ثلاثة من أعضاء مجلس النادي هم - نائب الرئيس ومديري النادي الإداري والمالي - ، وثلاثة من الصحفيين ومثلهم من العاملين بالنادي فقط! كما أن حفل افتتاح المعرض لم يشهد حضور أي طفل من الأطفال المشاركين بلوحات تشكيلية ليشرح بنفسه للزوار ويتحدث عن لوحته مما يعزز ثقته بنفسه، والأطفال الذين غابوا عن معرضهم هذا، وجدنا كوكبة منهم بعد ذلك في القاعة الرجالية أثناء الندوة التي تتحدث عن الأطفال وليس لهم!.
ورش العمل التي أقيمت مساء ذلك اليوم للأطفال لم يعلن عنها مسبقا بشكل جيد ولا نعلم عدد حضورها من الأطفال!
الندوة المخصصة للحديث عن أدب الطفل وثقافته افتقدت للتجانس والترابط ولمفهوم كلمة (ندوة) فكان كل من المشاركين يتحدث عن شيء مختلف ناهيك عن تخلف أو اعتذار الأستاذة هديل الخضير وهي مشارك رئيس عن المشاركة في أخر لحظة!
ولعل الشيء الجميل في تلك الندوة هو مشاركة أحد الأطفال (خالد تركي الثبيتي) من أحد المدارس الأهلية بالطائف بقصيدة عن الإرهاب وألقاها بشكل مميز وحماس ينبئ عن موهبة حقيقة (لا قوة إلا بالله)!
شيء جميل أخر في تلك الندوة هو أن القائمين عليها وفقوا في اختيار مقدمها الأستاذ محمد الحسن عسيري وقد أدارها باقتدار يشكر عليه وقد شكر هو نفسه في ختام الندوة بشكل صريح ومباشر وحق له ذلك! الأستاذة منى شداد المالكي رئيسة اللجنة النسائية شاركت العسيري مهمة التقديم والتنسيق من الصالة النسائية ووفقت في ذلك أيضا.
الورقة الأولى قدمها الدكتور فوزي خضر (شاعر وأكاديمي مصري) وتحدث فيها عن نشأة أدب الطفل واتجاهاته مشيرا لمقولة غربية للشاعر (وردزورث) (الطفل أبو الرجل) مؤكدا على تشكل شخصية الإنسان من خلال طفولته، وذكر مراقصة الشيماء أخت الرسول صلى الله عليه وسلم له عندما كان رضيعا في المهد في ديار بني سعد وأهمية أغاني المهد . وتطرق الدكتور فوزي لجهود الدكتور إبراهيم أبو علامة واحمد فضل شبلول وأحمد نجيب في مجال أدب الطفل موردا نماذج من نتاجاتهم.
الدكتور فوزي خضر تحدث عن الأهداف التي يسعى أدب الأطفال لتحقيقها ومنها المعلومات العلمية وترسيخ أهمية القراءة وبعض الجوانب الأخلاقية والسلوكية والتربوية ونحوها.
الورقة الثانية قدمتها الدكتورة سحر توفيق (أكاديمية مصرية)وتناولت فيها برامج رياض الأطفال وكيف أنها نشأت في الغرب بعد الحرب العالمية نظرا للحاجة إليها. تحدثت الدكتورة سحر عن الأسس التي تقوم عليها تلك البرامج وتوجهاتها المعرفية وكيف أنها لم تهمل الأطفال المعاقين، وألقت مقدمة الورقة نماذج من كلمات الأناشيد والأغاني الموجهة للأطفال وألقتها بلهجتها المصرية وبصوت ملحن ومناسب للأطفال.
الورقة الثالثة قدمها الدكتور صالح الثبيتي أحد منسوبي تعليم الطائف وقد قدمها بصحبة عرض حاسوبي حمل شعار وزارة التربية والتعليم!
استهل الثبيتي ورقته بمقدمة طويلة عن الأطفال وكيف أنهم هم الأمل الباسم وعدة المستقبل مشيرا لاهتمام الإسلام بالأطفال مستشهدا بحديثه صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم كهاتين).
تطرق الثبيتي لجهود حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- في الاهتمام بالأطفال من خلال عدة جهات ومنها مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للمبدعين ووزارة التربية ومهرجان الجنادرية وغيرها.
الثبيتي طالب مراكز الأحياء وجمعيات الثقافة والفنون والأندية الأدبية، وكذلك الأسرة بالقيام بدور أكثر فاعلية نحو الأطفال والاهتمام بهم وتحدث عن العنف الأسري وخطورته وأنه قد يكون طريقا مؤديا للإرهاب. أعقب الندوة عدة تعليقات ومداخلات وأسئلة ومنها:
* الدكتور عاطف بهجات أشاد بشمولية الطرح في ورقة الدكتور فوزي خضر واختلف معه في أنه يمكن أن يصاغ شعر (ريتميا) من شعر التفعيلة يوجه للأطفال. وعاب بهجات على ورقة الدكتورة سحر توفيق غلبة الجانب النظري الغربي، كما عاب على ورقة الثبيتي تشعبها وكثرة ما تناولته وتمنى لو أن الثبيتي اقتصر في حديثه على نقطة واحدة وعالجها بشكل جيد.
* الدكتور محمد عطا الله أكد في ورقته أن أدب الأطفال لم يختف في العصر الأموي والعباسي، كما قال بذلك الدكتور فوزي خضر وكان هناك (المؤدبون) الذين يجلبهم الخلفاء وعلية القوم لتربية وتأديب وتعليم أطفالهم وكانوا يستخدمون ذلك النوع من الأدب لمهلتهم تلك، وأشار أن قصيدة أحمد فضل شبلول (الأبواب) تحتوي على فلسفة أعلى من مدارك الطفل. استغرب الدكتور عطا الله أن الثبيتي في ورقته لم يتطرق للإعلام وأهميته في نشأة الطفل!
* نورة الثقفي أشارت لافتقار الطائف لمسرح مناسب للأطفال وطالبت النادي بتبني إنشاء مسرح للأطفال.
* عائشة قاري السيد استشهدت بمقولة للرئيس الأمريكي الحالي قال فيها (إننا لن نستطيع الاستمرار في قيادة العالم إن لم نول الطفل الإهتمام الأكبر) وذكرت أن الأدب إن لم يثبت عقيدة عند الطفل ويمكنه من التحدث بلغة جيدة فلا يسمى أدبا وأشارت قاري إلي تراجع في المخرج الأدبي لدى الأطفال وتساءلت : من المسئول هل هو الإعلام أم النوادي والجمعيات !
* الدكتور عايض الثبيتي أكاديمي وصاحب مدارس أهلية كان له مداخلة عميقة منهجية مع طرح الدكتورة سحر توفيق عن رياض الأطفال ولم يسعفه الوقت القصير المعطى له (دقيقتان فقط) للتعبير عنها بشكل واضح.
* الدكتور عايض تحدث عن المكان وإشكاليته في تعاملنا مع الطفل وقال لدينا مكان محدود ولكن لدينا طفل اتسعت مداركه كثيرا وقال لا ينبغي أن تقلص مواهب الطفل من خلال التأطير وتحدث عن نظرية أدبية تعتمد على المراحل العمرية للطفل، وقال: في الغرب هناك أكثر من 1600 عنوان تندرج تحت (أدب الأطفال) لا يمثل الشعر منها إلا جزءا ضئيلا. وتهدف لتربية المدارك وجعل هناك علاقات انسجام بين الطفل ومختلف جوانب الحياة, وطال بعدم تأطير الطفل بنوع من السردية وطالب بتحرير الكتب المدرسية من النصوص التي لا تقدم للطفل شيئا.
* عيسى القصير تساءل عن أفلام الكرتون التي يقضي أطفالنا أمامها ساعات طوال كيف نواجهها! وماذا أعددنا للأجيال القادمة في هذا الصدد؟
* خديجة قاري تساءلت عن الطفل الموهوب الذي يهتم به أحيانا في المرحلة الابتدائية ولا يتابع في المراحل الدراسية التي تليها!
* عقيلي الغامدي قال: (لا يكفي التوصيف ولا بد من خطوات أبعد في المعالجة ولنعلم أن البساط قد سحب منا في تربية أبنائنا من قبل الفضائيات ولسنا بحاجة لاستعادة تاريخية نظرية بل نحن بحاجة لمواجهة الزخم الإعلامي العالمي المتمثل في ألعاب البلاي ستيشن ونحوها وثقافة الصورة هي الأهم حاليا للطفل والأسرة أهملت بناء الطفل).
* حماد السالمي نائب رئيس النادي أشاد في مداخلته بمشاركة الطفل الثبيتي وجودة إلقائه وقال: (هذا يدل على أن الحماس للوطن يمكن أن نولده في أطفالنا إذا أردنا).
* السالمي شكر اللجنة النسائية على جهودها من خلال رئيستها الأستاذة منى شداد المالكي وأكد أن العمل للطفل متواصل للأسبوع القادم بفعالية عن (مسرح الطفل).
* السالمي تساءل عن الألعاب الشعبية وهل تعد نوعا من أدب الطفل وثقافته؟
واختتمت الندوة بردود مبتسرة من ضيوف المنصة على بعض المداخلات والأسئلة.
وختاما نقول: (الشكر لكل من أسهم في تقديم هذه الفعاليات خصوصا من قبل القائمين على اللجنة النسائية بالنادي وما لا يدرك كله لا يترك جله وهذه الفعاليات رغم ما اعتراها من جوانب النقص والقصور قد تكون إرهاصا لنشاط متميز قادم يقيمه النادي بشكل مخدوم ويسهم فيه جميع أعضاء مجلس إدارته بروح الفريق الواحد ومعهم أولو العزم من الرجال والنساء من داخل النادي وخارجه ومتى صدقت النوايا واستشعرت أهمية الفعل الثقافي الحقيقي كرسالة منوطة بالنادي والقائمين عليه فإن النتاج سيكون مختلفا عندها فقط يمكننا القول (أدبي الطائف غير)!