بعد تحقيق إنترميلان الإيطالي لقب الكالتشيو (الإسكوديتو) يوم الأحد الماضي للمرة السادسة عشرة في تاريخه وللمرة الثالثة على التوالي إثر فوزه المستحق على نادي بارما بنتيجة (2-0) في آخر جولة من الدوري.. لا يوجد شك بأن المهاجم السويدي الدولي زالاتان إبراهيموفيتش هو صاحب البصمة الأولى في الفوز بهذا اللقب.. إبرا الساحق (كما أطلق عليه محبو الإنتر) وبعد غياب طويل (حوالي تسعة أسابيع) كان منتظراً منه أن يحسم المباراة بين.. الهداف السويدي دخل في الشوط الثاني وتمكن من تسجيل هدفين وضعت بطولة الدوري في خزائن الانتر.. الفارس الذي قاد فريقه لحصد أهم ثلاث نقاط في المسابقة سنسلط الأضواء على مسيرته الكروية في السطور التالية:-

نشأته وبدايته:

ولد زالاتان فيلبي ابراهيموفيتش في الثالث من اكتوبر 1981م.. والده المسلم السيد شفيق فيلبي ووالدته السيدة جوركا من أصول بوسنية هاجرا من يوغسلافيا للسويد.. ليجتمعا في مدينة مالمو السويدية.. قصة حب بدأت صغيرة لتأخذ طرفيها للارتباط كزوجين وتتواصل بتكوين عائلة زالاتان في حي المهاجرين بمالمو.. الحي الفقير الذي لا يتوقف صبيته عن لعب كرة القدم.. البنية الجسمانية القوية التي يتمتع بها زالاتان والمهارة العالية في الاحتفاظ بالكرة والمرور بها وتسجيل الأهداف جعلت منه النجم الأول في حي المهاجرين بالرغم من صغر سنه.. نتحدث هنا عن سن الثامنة فقط حيث تمكن النجم الصغير من جذب اهتمام نادي الحي للهواة المعروف باسم (مالمو انادولو) ليضمه لصفوفه.. تألقه دفع النادي المنافس بالاكان (البلقان) والذي يلعب لصفوفه اللاعبون المهاجرون من البوسنة والصومال لضم اللاعب وهو في سن العاشرة.. تألق النجم الصغير بين براعم النادي الذين يكبرونه بسنتين وأصبح لاعباً أساسياً.. زالاتان كان متفوقاً حتى من الناحية التعليمية حيث تخرج من المرحلة المتوسطة بتفوق وتمكن من الدخول لأحد أفضل الثانويات في مالمو لكنه قرر ترك الدراسة لاحتراف الكرة التي كانت تلازمه في كل لحظات حياته.. المقربون منه تحدثوا بأن زالاتان ابراهيموفيتش كان ينام والكرة بجواره ويذهب للمدرسة والكرة بين أرجله ويحضر للصف والكرة في حوزته.. فهو لا يستطيع أن يتنفس بعيداً عن معشوقته التي دفعته لأن يرمي كل شيء خلفه وينطلق كالسهم في عالمها حتى وصل لما وصل إليه اليوم.. فهو اللاعب الأعلى أجراً في إيطاليا.. أحد عشر مليون يورو كراتب سنوي رقم ليس بإمكان أي لاعب الحصول عليه.. وقد يرتفع هذا الرقم في الموسم المقبل من قبل رئيس نادي الانتر ماسيمو موراتي خاصة في ظل الاهتمام الكبير من ريال مدريد الأسباني لضم اللاعب.

بدايته احتراف الكرة:

مع بلوغه سن الرابعة عشر وقع ابراهيموفيتش لنادي المدينة الأول للمحترفين (إف إف مالمو) في عام 1995م.. وشارك مع الفئات السنية للنادي وبدأت شهرته تتسع على نحو واسع داخل السويد مما دفع مسؤولي الفئات السنية بمراقبته وتجنيسه ليخدم المنتخبات السويدية.. شهرته بدأت بعد إحدى المباريات حينما كان فريقه متأخراً ونزل ابراهيموفيتش ليقلب تأخر فريقه لفوز كبير وبفارق كبير من الأهداف.. أبهر الجميع.. لم يتمكن أحد من إيقافه أو منعه من تسجيل الأهداف.. ما أن وصل للسن القانونية للعب في دوري الأضواء السويدي إلا وتم الزج به ليشارك لأول مرة في الدوري الممتاز السويدي في العام 1999م.. ست مباريات فقط خاضها (بعد وصوله للسن القانونية) سجل خلالها هدفاً واحداً لم تكن كافية لإنقاذ الفريق من الهبوط لمصاف دوري الدرجة الثانية في السويد.. حيث ساهم في الموسم الذي يليه ومن خلال ست وعشرين مباراة واثني عشر هدفاً من الصعود بفريقه لدوري الدرجة الممتازة.. في العام 2001م عاد ليلعب في دوري الأضواء من جديد لكنه لم يكمل الموسم.. فبعد ثماني مباريات سجل خلالها ثلاثة أهداف تقدم نادي أياكس الهولندي لخطف اللاعب والتوقيع معه.. وعُرف عن نادي أياكس أمستردام تميزة في خطف المواهب الشابة وإبرازها وتقديمها في عالم الكرة.

انتقاله للعب في الدوري الهولندي

بعد توقيعه مع نادي أياكس في صفقة بلغت قيمتها 7.8 مليون يورو كأعلى صفقة في تاريخ الأندية السويدية بشكل عام.. لعب ابراهيموفيتش في بداية مسيرته تحت راية المدرب أدريانس لكنه لم يستمر طويلاً تحت راية هذا المدرب الذي أُقيل من منصبه في التاسع والعشرين من شهر نوفمبر2001م.. المدرب الجديد الذي أشرف على تدريب نادي أياكس وقتها كان المدرب الشهير رونالد كويمان والذي أظهر اهتماماً كبيراً وواضحاً بالمهاجم السويدي بعد أن ثبت أقدامه في خط المقدمة كلاعب أساسي.. لعب زالاتان أربعاً وعشرين مباراة سجل خلالها ستة أهداف وتمكن من صناعة العديد من الأهداف لزملائه في الفريق خاصة وأنه يجيد اللعب على الأطراف والهروب من الرقابة المفروضة عليه من قبل لاعبي خط الدفاع.. هذا التألق ساهم بشكل فعال في فوز أياكس ببطولة الكأس وبطولة الدوري (2001-2002م).. التألق لم يكن على الساحة المحلية في هولندا فقط بل إنه طال الساحة الأوروبية خاصة عندما سجل هدفين في بطولة دوري الأبطال في مرمى أولمبيك ليون الفرنسي حينما فاز أياكس بنتيجة(2-1).. أربعة مواسم قضاها في أياكس حقق خلالها عدة إنجازات من أبرزها بطولتا دوري وبطولة كأس.. وشارك في بطولة كأس العالم 2002م.. تألقه مع منتخب بلاده وناديه أياكس جذب اهتمامات أكبر الأندية في القارة العجوز للتوقيع معه.

من أياكس للكالتشيو المثير

انتقاله من نادي أياكس لليوفنتوس الإيطالي (2004-2005م) كان بمثابة النقلة الكبيرة في مسيرة النجم السويدي الاحترافية.. النقلة كانت من النواحي المادية ومن النواحي الفنية.. حيث توقع خبراء الكرة بأن النجم البالغ طوله مترا وثلاثة وتسعين سنتيمتر وبسرعته وقوته البدنية الهائلة ومهارته العالية في التحكم بالكرة سيصبح النجم الأول في إيطاليا والعالم بمرور الوقت مع فريق السيدة العجوز.. العقد بلغت قيمته 19 مليون يورو.. وما أن بدأ مهمته مع اليوفي إلا وانطلق ابرا (كما لقبه الطليان) ليمارس هوايته في تسجيل الأهداف القوية حتى أن البعض تذكر الأسطورة الهولندية ماركو فان باستن عند تسجيل ابراهيموفيتش بعضاً من أهدافه الجميلة والتي تعكس مدى الحس التهديفي العالي الذي يمتلكه اللاعب.. ستة عشر هدفاً في خمس وثلاثين مباراة خاضها في موسمه الأول.. دفعته لأن يتحصل على المركز الثامن عالمياً والمركز الأول على مستوى السويد حيث تم منحه جائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب سويدي للعام 2005م.. مع نهاية الموسم وفتح سوق الانتقالات تدخل ريال مدريد (كعادته السيئة والتي عُرف بها بين الأندية الأوروبية الكبيرة) وقدم عرضاً بقيمة 70 مليون يورو.. وهو رقم خيالي لم يحلم ابراهيموفيتش بأنه ستصل قيمته لهذا المبلغ.. العرض أعلن من قبل وكيل أعمال اللاعب السيد مينو رايولا كنوع من الدعاية للاعب وسعره الذي وصل إليه.. لكن اليوفنتوس بإدارته المحنكة والصارمة ذلك الوقت رفضت العرض وألزمت اللاعب بعقده الممتد لثلاث سنوات متبقية.. خاصة وأن زالاتان فاز بجائزة اللاعب الجماهيري الأول في اليوفنتوس موسم 2004-2005م متفوقاً بذلك على النجم الجماهيري صاحب الشعبية الطاغية في اليوفنتوس أليساندرو ديلبيرو.. في الموسم التالي (2005- 2006م) كانت الأمور عاصفة وغير مستقرة بالنسبة لإبرا.. فمع عودة الهداف الفرنسي ديفيد تريزيقية لمكانه الأساسي في خط الهجوم طُلب من ابراهيموفيتش اللعب على الأطراف لتهيئة الكرات لزميله ومساندته في خط الهجوم مما أثر على معدله التهديفي حيث بلغ سبعة أهداف فقط في خمس وثلاثين مباراة وهو معدل منخفض مقارنة بالموسم الذي مضى.. كما أن اليوفنتوس تعرض لفضاح (كالتشيوبولي) مما عرضه لعقوبة فقدان اللقبين الذي ساهم في تحقيقها ابراهيموفيتش لتحذف من سجلات النادي واللاعب.. ويصدر قرار يقضي بهبوط السيدة العجوز لدوري الدرجة الثانية (السيريا بي) مما دفع بإبرا ووكيل أعماله رايولا استفاد من نقطة هامة في العقد وهدد بفسخ التعاقد مع اليوفنتوس في حال أن الفريق الإيطالي رفض أي عرض مقدم للاعب الذي لا ينوي اللعب بعيداً عن عالم الأضواء والاحتراف.. وتقدم كل من أي سي ميلان وريال مدريد وانترميلان بعروضهم لضم اللاعب وكاد زالالتان قاب قوسين أو أدنى من التوقيع لميلان ولكن تأخر برليسكوني رئيس النادي في اتخاذ قراره (حيث كان نائبه جالياني واللاعب ابراهيموفيتش ينتظران قرار برليسكوني لتوقيع العقد في المقر المخصص للميلان للتعاقد مع اللاعبين في أحد شوارع مدينة ميلانو) دفع باللاعب ووكيله للانجذاب لإغراءات رئيس نادي انترميلان (الخصم اللدود لميلان) والخروج والذهاب للجهة المقابلة من نفس الشارع حيث المقر المخصص للإنتر للتعاقد مع اللاعبين)

انتقاله للإنتر

وقع للإنتر في صفقة بلغت قيمتها 24.8 مليون يورو وبلغ راتبه السنوي 11 مليون يورو كأعلى أجر يتقاضاه أي محترف في ايطاليا.. رئيس الانتر موراتي تمكن من سحب النجم السويدي بمهارة.. حيث أضاف انتقال ابراهيموفيتش قوة خارقة للانتر.. وأصبح الانتر يضرب بقوة في جميع اللقاءات دون توقف.. فبعد أن تم سحب بطولتين دوري من اليوفنتوس تم إضافة بطولة دوري لسجل الانتر.. وجاء ابراهيموفيتش ليضيف لقبين إضافيين في آخر موسمين.. كان آخرها يوم الأحد الماضي.. مع عودته بعد غياب (بسبب الإصابة) حيث تمكن من تسجيل هدفين ضمنت اللقب لفريقه.. ومع غيابه اهتزت نتائج الفريق بشكل واضح وكاد الإنتر أن يفقد الصدارة.. لكن زالاتان ابراهيموفيتش لاعب من عملة نادرة.. فهو أحد النجوم الذين بإمكانهم قلب كل المجريات في لحظات.. ومع فتح السوق الصيفية سيرمي ريال مدريد شباكة من جديد لاصطياد النجم السويدي الذي طلب من موراتي رفع راتبه السنوي لثلاثة عشر مليون.. موراتي طلب من إبرا عدم المبالغة.. لكن إبرا يعرف من أين تؤكل الكتف.. وسيتحصل على هذا الراتب إما من الإنتر أو غير الإنتر.. كما أوضح وكيل أعماله.