لاشك أن الشركات العائلية السعودية - وبخاصة الناجحة منها- قد لعبت دوراً هاما في الاقتصاد الوطني السعودي منذ زمن بعيد. وقد ساهمت في توفير السلع والخدمات للمواطنين والمقيمين بطريقة جعلت البدائل والخيارات أمام المستهلك متعددة. إضافة إلى ذلك فقد وفرت فرصا وظيفية للمواطنين، وإن كانت أقل من المأمول. حيث إنها تعتمد اعتمادا كبيراً على العمالة الوافدة في إدارة شؤونها.
والشركات العائلية ليست ظاهرة سعودية بل هي ظاهرة عالمية إن جاز لنا التعبير. فالشركات العائلية موجودة في الولايات المتحدة وفي اليابان وفي عموم الدول الأوروبية والآسيوية وغيرها. وفي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا نجد شركة مملوكة لشخص واحد يعد من أكبر الأثرياء في العالم بحيث تقدر ثروته بعشرات البلايين من الدولارات، وتعتبر هذه الشركة رائدة في مجال الصناعة والتجارة وتحقق أرباحا هائلة كل عام إن لم يكن كل يوم.
وفي السنوات الأخيرة بدأت بعض الشركات العائلية في المملكة تطرح أسهمها للاكتتاب العام خاصة بعد تأسيس سوق المال. وقد ساعدها في هذا الاتجاه حصولها على علاوة الإصدار التي تفوق القيمة الحقيقية للشركة أضعاف المرات أحيانا والتي غالبا ما يكون مبالغ فيها. كما ساعدها أيضا ثقافة معظم المكتتبين والذين لديهم افتراض مسبق بأن الربح سيكون مضمونا نظرا للخبرات السابقة بغض النظر عن سعر السهم حيث إن أغلبهم لم يطلع على القوائم المالية للشركة ولا يعرف نشاطها بالضبط ولا خططها المستقبلية.
والجدير بالذكر أن بعض هذه الشركات بعد الاكتتاب كشركة مساهمة تعود مرة أخرى إلى شركة مساهمة عائلية بالرغم من أن هيئة سوق المال قد حددت ألا يزيد تملك الفرد من أسهم الشركات المساهمة عن 9.99% وذلك عن طريق شراء الفرد الأسهم باسمه وباسم أولاده أو إخوانه أو زوجاته أو غير ذلك. وبالتالي فإن الهدف الرئيس من طرح أسهم هذه الشركة أو تلك في السوق لم يتحقق بالطريقة المناسبة وكأنك (يابو زيد ما غزيت)، أو كما يقول العوام (صبه ثم احقنه).
إن طرح الشركات العائلية كشركات مساهمة هي ظاهرة صحية يستفيد منها الوطن والمواطن على حد سواء لكن هناك سلبيات تظهر خلال هذه العملية قد تجعل العملية غير فعالة. وبالتالي فإن الحاجة قد تكون ملحة لدراسة هذا الوضع والخروج بنتائج وتوصيات جيدة لتدارك هذه السلبيات وجعلها على شكل أنظمة وقوانين تحكم عملية طرح الشركات العائلية للاكتتاب العام.
* عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة