يخضع نجاح أو فشل الحياة الزوجية لمعايير غير دقيقة، تعزى عادة لكمية الخبرات ومدى المخزون الثقافي لدى الزوجين، ويدخل في ذلك الخبرات التي يكتسبانها من تجارب الوالدين، بما تحمله تلك التجارب من اجتهادات أغلبها قد تكون اجتمعت عن طريق المحاولة وعدم تكرار الخطأ الذي يختلف من شخص لآخر حسب الزمان والمكان والثقافة.
وفي حين أطلقت جمعية التوعية والتأهيل الاجتماعي مشروع (قيادة الأسرة) لتأهيل ثلاثة آلاف من الشباب والفتيات المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثاً، لنأمل أن تساهم تلك الجمعية في نجاح واستقرار الأسر الناشئة في المجتمع، في ظل تنامي المشاكل الاجتماعية، والازدياد المطرد لمعدلات الطلاق في المراحل المبكرة من الزواج، وآثاره السلبية وما قد يسببه من التفكك الأسري وضياع الأبناء، والانعكاسات النفسية والاجتماعية المترتبة على ذلك.
إن إطلاق مثل هذه المشاريع الاجتماعية الهادفة إلى الاستقرار الأسري لهي جديرة بالتشجيع والوقوف معها، ومساندتها بالكوادر البشرية والإمكانيات المادية؛ لكي تنمو وتتطور وتتمكن من الاضطلاع بدورها المناط بها.
ولقد أعجبني إصدار رخصة معتمدة من الجمعية تحت مسمى (رخصة القيادة الأسرية) بعد إنهاء متطلبات المشروع واجتياز موادها بنجاح، حيث تشمل برامج الرخصة: تبصير المشاركين من الشباب بما قد يواجههم من عقبات، وتزويدهم بعناصر النجاح في قيادة الأسرة من جوانب (نفسية، مالية، تربوية، وشرعية وخلافها) وكيفية التعامل الحضاري فيما بين الزوجين كفريق متعاون ومتكامل وليس متنافس.
إن استعانة الجمعية بالدعاة المعتدلين والمستشارين والمتخصصين في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، وبعض الشخصيات العلمية التي حققت نجاحات على الصعيد الأسري يعد أحد روافد العمل الاجتماعي، مع ضرورة عقد شراكة مع مراكز تدريبية لتنفيذ البرنامج على أن تكون متخصصة في تنمية الأسرة ومعالجة المشكلات والقضايا الأسرية والاجتماعية، وعلى اطلاع واسع بجميع أنواع الحراك الاجتماعي وما يرافقه من تغير، علاوة على الحرص على تقديم نماذج مميزة لدعم البرنامج.
إن جهل الشباب بنواحي الحياة الزوجية يعود لضعف قدراتهم في حل المشكلات واتخاذ القرارات المناسبة واختيار البديل الملائم، فضلاً عن تلقيهم النصائح الجاهزة، والتوجيهات المعلبة والإرشادات غير المسؤولة التي تصدر من الأصدقاء أو الأقارب، دون تحمل لتبعاتها أو فشل تطبيقها.
إن تلك النصائح العتيقة التي تأتي على شكل قوالب جاهزة، وكبسولات مغلَّفة قد تكون ضارة، بل قد تسبب انهيار الحياة الزوجية بعد بنائها وتقويضها بعد عمارها.
ومع الدعوة الجادة لضرورة أن تأخذ هذه الرخصة الطابع الرسمي وإقرارها كشرط على إتمام عقد الزواج، وتجديدها كل فترة، أخشى أن لا تنضم للجمعية الفئات المستهدفة لتوعيتها؛ لأن هؤلاء لازالت عقولهم محصورة بين رأي أم جاهلة وأب متسلط !
ص.ب 260564 الرياض 11342
rogaia143@hotmail.com