الاختيار (حرية) قد نمقتها أحياناً؛ لأنها ترهقنا وتصور لنا مدن قرارنا ساحات تضج بأشباح الخطأ والزلل.. وتتطاير من جنباتها خفافيش الفشل؛ فنتمنى أن لو وجدنا من يختار عنا خوفاً وتنصلاً من تبعات ما قد نقرر.. فالاختيار حمل تنوء به عصبة الأفكار.. وتتأرجح فيه أكف الميزان.. وترى فيه عين السخط ما لا ترى عين الرضا.. وعين الجبن ما لا ترى عين الشجاعة، فيدلهم الخطب ويثار النقع وتتوالى جيوش (الحيرة) تقاتل جنود (القرار).
فالحيرة تخرج لنا من قعر (آلاف المرايا).. لتجهدنا في تركيز النظر، وتعلن بداية معركتنا مع الاختيار في امتدادات التفكير.. فبين حيرة الاختيار وأسوار (قلاع القرار) ساحات من الكر والفر ينتاب الإنسان فيها الخوف أحياناً، وتغشاه السكينة أخرى، وتثقله مسؤوليات وتبعات اختياره ليمخر عباب المعركة يمتطي صهوة تفكيره؛ مشهراً سيفه في وجه عدو هو (الحيرة).. ذلك العدو المراوغ الذكي الذي يوهمنا بالانسحاب حتى درجات الاقتناع لكنه ما يلبث أن يغير علينا بجند تحول دوننا ودون اقتحام مدن (القرار) وهنا تنشأ معركة الاختيار.
ومعركة الاختيار مع الحيرة معركة (ضارية) تفزعنا ويلاتها.. ويغشانا الخوف من صولاتها وجولاتها.. لكن (الحرب صبر ساعة) الشجاعة فيها تجرد من صفة التقهقر واحتفاظ بصفة التأني الحكيم.. لأن القرار أن تصنع لك من خوفك وشجاعتك راية نصر..
إذاً الحياة اختيار والاختيار حياة.. أكُنَّا من اختار أم غيرنا! ولست أخالف (نزار قباني) حين قال معاتباً إياها:
لا تقولي أرادت الأقدار
إنك اخترتِ..
والحياة اختيار..
almdwah@hotmail. com