وإتباعاً لما كتبته عن الحلم بعنوان: (بين المأمون وقيس بن عاصم) فقد وجدت الموضوع بحاجة لإكماله بهذه القصة الطريفة عن معن بن زائدة الشيباني الذي هو من أشهر الحلماء والكرماء والشجعان، كان خارجاً على المنصور العباسي ثم تاب وأصبح من قواده حتى مدحه أحد الشعراء بقصيدة منها:
معن بن زائدة الذي زيدت به
شرفاً على شرفٍ بنو شيبانِ
إنْ عُدّ أيام الفَخار فإنما
يوماه: يوم ندىً ويوم طعانِ
(البحر الكامل)..
والقصة هي: تراهن اثنان على أن يُغضب أحدهما معناً مقابل مبلغ من المال فذهب إليه وقال:
أتذكرُ إذْ لحافك جلدُ شاةٍ
وإذْ نعلاك من جلد البعيرِ؟
(البحر الوافر)
قال معن: أذكر ذلك ولا أنساه.
فقال الرجل:
فسبحانَ الذي أعطاك ملكاً
وعلَّمك الجلوسَ على السريرِ
فقال معن: سبحانه وتعالى.
قال الشاعر:
فلست مسلِّماً إن عشتُ دهراً
على معنٍ بتسليم الأميرِ
قال معن: يا هذا السلام سنة وشأنك في الأمر.
قال الشاعر:
فَجُدْ لي يا ابنَ ناقصةٍ بمالٍ
فإني قد عزمت على المسيرِ
قال معن: أعطوه ألفاً.
فقال الشاعر:
قليلٌ ما أتيت به وإني
لأَطمعُ منك بالمالِ الوفيرِ
قال معن: أعطوه ألفا آخر.
فقال الشاعر:
سألت الله أن يبقيْك ذخراً
فما لك في البرية من نظيرِ
فأكرمه معن على مدحه بعد أن أكرمه على هجائه.
نزار رفيق بشير- الرياض