حين يذكر اسم الملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله فإنه تحضر إلى الذهن مباشرة أسطورة إنجازات، وأسطورة شهادة كانت ثمناً لموقف مثالي في ميدان الحقوق، وعلى شرفة الشرف ذاته. فعلى مستوى الوطن لا يزال أبناء هذا الوطن يعيشون في حصاد ما غرسه الفيصل من أسس المجتمع الحديث، وأساسات العلم، والتأكيدات على الثبات على العقيدة، ولعل هذه السكة التي مرت عليها خطى الملك المؤسس ومن بعده أبناؤه الملوك.
ولا يكاد ميدان علمي أو ديني أو وطني على مساحة العالم العربي يخلو من نفحات الملك فيصل بن عبدالعزيز، ولا تزال أياديه البيضاء ناصعة إلى اليوم، وسوف تبقى في كثير من العناوين العربية والإسلامية.
لا ندوة الفيصل ولا معرض الفيصل بكافيين لرصد إنجازات الفيصل ومواقفه، وعظمة قراراته، ولا هما بقادرين على الإحاطة ولو باليسير من فلسفة ذلك الملك في الحكم والتربية القيادية، بل والعلاقات الإنسانية.
نعم كان الفيلم الوثائقي، الذي جاء بعنوان (فيصل بن عبدالعزيز) علامة فارقة في ندوة الفيصل التي نظمتها دارة الملك عبدالعزيز، مثلما كان معرض (شاهد وشهيد) الذي رعاه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - ونظمه مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، يستحق الإشادة ويبعث على الزهو والافتخار. وكان الإقبال على هذا المعرض مما لفت الأنظار، وشغل الإعلام.
وعلى الرغم من الظرف الصحي الطارئ لراعية الحفل النسائي في معرض (شاهد وشهيد) صاحبة السمو الملكي الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز - يحفظها الله -، إلا أنها أصرت على أن تكون في أول الكوكبة التي تدخل قاعة ذلك المعرض أو تزينه بذلك الوجه الذي يقبض نوراً وإيماناً وبركة.
وتقف على كل موجوداته وقفة التأمل والغوص في مفردات المعاني، وكأنها تعود بالزمن بعيداً إلى الوراء، أو تستحضر ذلك الزمن البعيد إلى الوراء، لتجلي أمجاداً ماضية ومتصلة إلى الآن، بل وممتدة في العز بإذن الله.
بنفس الحجم من الإصرار بل والمفاجأة تصر صاحبة السمو الملكي الأميرة نوف بنت عبدالعزيز - يحفظها الله - أن تجول في (شاهد وشهيد) لتكون شاهدة على حقبة تاريخية تبعث في النفوس زهواً واعتزازاً، على الرغم من العملية الجراحية التي أجرتها سموها في ركبتها حماها الله وشفاها.
وعلى الرغم من كثرة مشاغل وهموم وفعاليات سمو حرم خادم الحرمين الشريفين الأميرة حصة بنت طراد الشعلان - يحفظها الله - إلا أنها هي الأخرى كانت في قلب (شاهد وشهيد) تكرس مثل جميع أبناء شعبها محبة الفيصل في القلوب ومكانته السامقة في النفوس. وبخاصة تلك التي عايشت مرحلة الفيصل المضيئة على صفحات التاريخ.
لم تكن السعوديات بأقل إقبالاً وشغفاً بالمعرض الذي غص بهن، وتجولن فيه يملؤهن الاعتزاز والكبرياء، ويستمتعن بشغف إلى ما تقوم به حفيدات الفيصل من شرح وتفصيل للمعروضات، وإلى ما تتكرم به بنات عبدالعزيز من المداخلات التي تثير الشجون وتبعث الذكريات من مظانها.
بنات عبدالعزيز حضرن.. حرم خادم الحرمين الشريفين حضرت.. بنات وحفيدات الفيصل تواجدن..
بنات وحفيدات الملك سعود وخالد وولي العهد الأمين والسعوديات من حدب وصوب أقبلن وشاركن.
وحده الإعلام غاب عن تغطية هذا التفاعل المتألق للسعوديات، ولم يكن شاهداً على محبة الفيصل في قلوبهن... في (شاهد وشهيد)... وتاليتها؟!!.