Al Jazirah NewsPaper Wednesday  21/05/2008 G Issue 13019
الاربعاء 16 جمادى الأول 1429   العدد  13019
أضواء
البعد التاريخي لأزمة لبنان
جاسر عبدالعزيز الجاسر

عرقلة التوصل إلى حلٍ في لبنان، وعدم التعاون مع الجهد العربي الذي تقوده قطر لمعالجة آثار انقلاب حزب الله في لبنان، يظهر أن الذين أوصلوا الأوضاع إلى حد احتلال بيروت ومحاصرة الجبل وإرهاب الشمال، بأنهم ينفذون أجندة موضوعة أصلاً، تنتهي بإيصال لبنان إلى وضع مشابه لما يعيشه العراق، من خلال فرض الأمر الواقع بعد إيصاله إلى حالة من الفوضى تجعل قوى الأمر الواقع المسلحة تلجأ إلى السيطرة عليه وفرض هيمنتها وربط لبنان كما هو العراق بطهران حيث تصدر التعليمات، وترسل (الحلول) مثلما حصل في بصرة العراق ومدينة الصدر، أي فصل لبنان عن المنظومة العربية أمنياً وسياسياً وحتى انتماءً؛ إذ لم يعد غريباً في العراق التبرؤ من الهوية العربية، وهم يريدون إيصال لبنان إلى الشيء ذاته، كيف؟!..

التخطيط لضم لبنان إلى منظومة (الإمبراطورية الصفوية) لم يكن وليد اليوم، مثلما هو مخطط للعراق وسورية والخليج، وحتى مصر والسودان وجزر القمر!!..

المخطط موضوع منذ وقت ليس بالقصير، ودون التوغل في المسألة والتشعب في تعرجات المخطط، نحصر حديثنا عن لبنان، ونبدأ عندما عاد موسى الصدر من إيران حيث أكمل دراسته في حوزة قم، وموسى الصدر إيراني من أصل لبناني بادر الرئيس اللبناني الأسبق اللواء فؤاد شهاب بمنحه الجنسية اللبنانية، وكان ذلك إيذاناً بنشاط الصدر الذي أنشأ تجمع المحرومين الذي تحول فيما بعد إلى حركة أمل، ومن ثم أقنع الدولة اللبنانية بإنشاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي أنيط به تنظيم العلاقات المذهبية والشرعية والأحوال الشخصية كحالات الزواج والطلاق والمحاكم الشرعية التي تنظر في مسائل الميراث وغيرها.

ومن يومها أصبح للطائفة الشيعية في لبنان ملامح سياسية ومذهبية واجتماعية، فعلى الصعيد السياسي أبرزت حركة أمل الطابع العروبي لانتماء شيعة لبنان وكانت متحالفة مع المقاومة الفلسطينية، أما الجانب المذهبي فإن الشيعة في لبنان كانوا أكثرهم يقلدون المرجع الشيعي العلامة محمد حسين فضل الله الذي يعد واحداً من مراجع الشيعة الكبار في العالم، ويعد هو والسيد علي السيستاني من أكثر مراجع الشيعة تقليداً ويتبعهم مقلدون وأنصار في العراق والخليج وباكستان والهند وإفريقية وحتى في إيران.

اجتماعياً استطاع موسى الصدر أن يبلور مجتمعاً شيعياً تكافلياً من خلال إنشاء العديد من الجمعيات الخيرية ومن أهمها حركة المحرومين. وقد استطاع موسى الصدر أن يؤسس لمجتمع شيعي إن صح التعبير ضمن الانتماء اللبناني العربي، وأصبح الصوت الشيعي مؤثراً وحاضراً في السياسة اللبنانية، حيث تَعدَّ التأثير على الحضور التقليدي المحصور ضمن عائلات شيعية تقليدية كعائلة الأسعد وغيرها، إلا أن تسارع الأحداث وتداخل التأثير الإقليمي والدولي أوجد وضعاً آخر، مهد بتغييب الشيخ موسى الصدر الذي فقد أثره بعد زيارة لليبيا، ثم أخرجت المقاومة الفلسطينية من لبنان، وبعدها اندلعت الثورة الإيرانية لينعكس كل ذلك على واقع الشيعة في لبنان، حيث تعرضت حركة أمل لجملة انشقاقات قادت إلى إنشاء حزب الله، وضعفت حركة أمل وحركة المحرومين، ثم جاءت وفاة الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الشيعي الأعلى لتجعل الطائفة الشيعية شهية لمحاولاة السيطرة عليها من خارج لبنان.

وتلك قصة أخرى نكملها غداً.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد