لست ممن يكتب عن رسائل ومتابعات القراء، بل إني وما زلت ضد زج بعض الكتّاب بآراء المتابعين ثم التعليق عليها في مقالاتهم؛ لكنني هذه المرة أتمرد على قناعاتي وأخالف رغباتي. أريد في هذا المقال -استثناءً- أن أنقل لكم رسالة (أم محمد) التي بعثت بها إلى بريدي الإلكتروني، وهي في
الحقيقة رسالة تحكي حال كل من لديه مثل معاناتها؛ حيث تقول: أنا أم لطفل من ذوي الإعاقة المسماة علمياً بمتلازمة (داون)، وعاميا (الطفل المنغولي) وهي نوع من أنواع الإعاقة مثلها مثل التوحد مع اختلاف الأعراض والعلاج وانتشرت كثيراً بين أطفالنا وبالذات هذه السنوات الأخيرة والمؤسف أنه لا يوجد مركز متخصص لاستقبال هؤلاء الأطفال وتأهيلهم إلا مركزان فقط في مدينة الرياض وهما (جمعية النهضة الخيرية) و(دسكا) لمتلازمة داون، وطبعا يجب عليك تسجيل الطفل منذ الولادة وعسى يأتيه الدور بعد ثلاث سنوات، وأفيدك أنني سجلت ابني منذ ولادته عام (1425هـ) في جمعية النهضة وبعد أن أكمل ثلاثة أعوام اتصلوا علي ليخبروني أن دوره الآن جاء في برنامج التدريب على المشي! وكان ابني قد تعدى هذه المرحلة ومشى ولله الحمد، وسألتها: إذاً متى يأتي دوره في التأهيل والدراسة؟ هل إذا أصبح عمره (12) سنة وقد فات عليه الكثير؟ قالت: لا أدري علينا ضغط وزحمة! ولعلمك أستاذي الفاضل أنها ليست مجانية وإنما برسوم وعالية أيضا، والله إن بعض الأمهات لم تسجل ابنها لعدم مقدرتها على دفع الرسوم!. قد تتساءل ما المشكلة إذن؟ المشكلة لماذا مركزان فقط والأعداد من هؤلاء الأطفال هائلة وتزداد يوما بعد يوم؟! حتى المواصلات لا توجد، أقصد لتدريب الرضع وهو برنامج تأتي معه أم الطفل لتأهيل ابنها، فتجد كل أم تأتي من أقصى الشرق أو من أقصى الغرب أو الجنوب وقد تحملت المتاعب والمشاق من أجل المشوار مع الرسوم التي تثقل كاهل الأسرة والله المستعان! لماذا لا تكون مجانية أو برسوم رمزيه فقط، يكفينا مصاريفهم وشراء حاجياتهم الخاصة لتعليمهم وتدريبهم ومع ذلك ندفع رسوم والله إنها أثقلت كاهلنا!... أرجو أن تبعث بصوتنا نحن أمهات وآباء أطفال متلازمة (داون)... إلى المسؤولين وأصحاب رؤوس الأموال لعلنا نجد منهم ما يسرنا.
وهنا أتساءل مع (أم محمد): أين دور رجال الأعمال؟ وأين مؤسسات القطاع الخاص من هذه المشروعات التي تخدم هذه الفئة؟ إنه نداء إلى كل من يريد الأجر وخدمة الوطن؛ لأن الانتماء للوطن ليس مجرد كلام، لكنه مشاركة في رفع معاناة أطفال وأسر وشباب وشابات هذا البلد الغالي. إنه لا أحد ينكر ما يقوم به كثير من رجال الأعمال في هذه الدولة بالمساهمة في العديد من المشروعات المتنوعة؛ حيث نسمع ونرى مبادرات رائعة من أصحاب السمو الملكي الأمراء والتجار في دعم المشروعات الخيرية والعلمية، مثل إنشاء المجمعات التعليمية والمراكز الثقافية، ومساعدة المحتاجين والوقوف مع الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، وغير ذلك مما لا يستطيع الإنسان تعداده، ولكن ما زال الجميع ينتظر المزيد والمزيد.
إنني أوجه دعوة لكل الموسرين والقطاع الخاص لمواصلة دعمهم لكافة المجالات (التعليمية - الاجتماعية - الصحية - وغيرها)، وليبشروا أولاً بالأجر والمثوبة من الله سبحانه وتعالى على كل ما يقدمونه خالصا لوجه الله تعالى، وليسعدوا بدعاء الآخرين لهم بالتوفيق والإعانة.
وأخيراً، تحية وفاء وتقدير لكل محسن ومسؤول يمسح دمعة يتيم، ويكسو فقيراً، ويعين مديناً، ويعالج مريضاً.
أستاذ المناهج المشارك بجامعة الإمام
alelayan@yahoo.com