في تليفزيون الواقع..... تمتلك (ثقافة الإعلان)...
نفوذاً لا يمكن تلمس آثاره في اللحظة الآنية.. التي يتبدى
فيها ذلك الإعلان، متجاوزاً كل الأطر والحواجز..
يتسلل عبر نوافذ - ليس شرطاً أن تكون محترمة
أو عقلانية - مظللة وخادعة ربما.. تمتلك
قانون مجاز الأشياء ومجردات المبادئ..
وتستثمر فراغات وعينا المكشوف والمتعطش..!
**..... تأثير (ثقافة الإعلان) لا يمكن قياسه في
اللحظة ذاتها.. بما أنها ثقافة.. وسيرورة وتراكم..
يمتلك الزمن وحده قياس نسبة ونوعية مخرجاتها..
- وهي بحال ما ليست من (موروثاتنا الثقافية التقاليدية الأصيلة) -
فيما تتغلغل تردداتها في أعماق لا وعي الجماهير..
فيمتثلون لها بلا وعي منهم (.......)
** هذه التقدمة.. قد تكون قريبة الصلة
بجوهر حديثي عن (تلفزيون الواقع) الذي يقدم
لنا من ضمن ما يقدم (ثقافة الإعلان).. كوسيط
غير بريء.. خائض بخطيئة لا تنتهي تبعاتها
بانتهاك كل شيء.. أو تلويث قيم.. وكشف هشاشة
(أخلاقيات وسلوكيات) شعارية.. يسعى
هواة الخطب والكلام المنمق لتكريسها........
** في (تليفزيون الواقع).. لا نكاد نفرق
بين الحقيقي والمزيف.. الجاد والهازل.. والليل وآخره......
بين أغنية متخمة بالأنين والحنين.. والعشق والهجران..
وبين كون ذات الأغنية دعاية أو إعلاناً عن ملابس
داخلية..! إذ تحتشد الصورة في مخيلتنا..
بتفاصيلها ومكوناتها البصرية.. وفضاء تمدد محتواها
على الشاشة.. وتحريكها لفضول الاكتشاف لدينا!
**... كله إعلان عن شيء ما.. ودعاية لثقافة ما.. تنحو صوب
استعمار ليس وعينا ووجداننا فقط.. بل كينونتنا (.......)
.... سعار استثماري متوحش.. يتخطى أي
مواكبة خجلى عيية.. للتقليص من أخطاره..!
** (تليفزيون الواقع).. يكشف لنا الخبايا المستورة
ويعلن الفضائح.. وينقل الأهوال.. ويلغي الحواجز..
..... شبان من الجنسين.. في متواليات برامج متسلسلة
تأخذ أشكالاً متعددة.. وتلم أطرافاً شتى من الأرصفة
والشوارع.. ومواخير الفن ودهاليزه.. أسئلة فجة..
وتفاصيل رخيصة.. وخصوصيات دكناء..
كأن لا هدف لها.. إلا تسطيح كل
ما نعتد به ونحترمه ونتمسك به.. بابتذاله
والاستخفاف به.......
** مشهد ليس عابراً ولا عفوياً.. ذلك الذي بدأ فيه
أحد أفراد أسرة أحد البرامج يمارس تعذيب سلحفاة
بصب الشامبو في عينيها.. والتلذذ بمكابدتها العذاب!
بينما الشقي يضحك باستخفاف بارد.. وكله واقع..!
سباب وشتائم بين (مثقفَين) على رؤى ومواقف سياسية..
ذاته الموقف.. ينبع من وعي غذَّى سطوة ذلك الشاب
وغيَّب في ضميره حس الإنسان..!
md1413@hotmail.com