ارتبطت الإجازة الصيفية ب(الأندية الصيفية) عند شريحة كبيرة من أولياء أمور الطلاب، وما ذاك إلا لأنهم وجدوا فيها واحة يفر إليها أبناؤهم من لفح الفراغ القاتل المتزامن مع لفح شمس الصيف المحرقة، كما وجدوا فيها محضناً تربوياً (آمناً) تصقل فيه قدرات الطلاب وتوجه طاقاتهم فيما يعود عليهم وعلى أسرهم بالنفع وتحفظ فيه أوقاتهم من أن تكون مساحة لإلحاق الضرر بأنفسهم وبالآخرين؛ (فإن العربة الفارغة هي التي تصدر الإزعاج)، وكل بصير يدرك أن كثيراً من صور الجرائم التي ترتكب في أي مجتمع يكون من أبرز دوافعها (الفراغ). |
|
|
وما استمرار هذه (الأندية الصيفية) عبر سنين طويلة إلا دليل صدق وشاهد إثبات على ازدياد ثقة المجتمع بمخرجاتها، فنفعها وثمراتها الطيبة مما لا يرتاب فيه (منصف) يريد خيراً بهذا الوطن وشبابه. |
وإن من فضل الله - سبحانه - أن يكون المشرفون على هذه الأندية الصيفية هم نخبة من المعلمين الذين عرف عنهم (اعتدال المنهج) وحمل (هَمّ) التربية والتوجيه وطمعهم في ثواب الله واحتساب الأجر في حفظ أوقات الشباب وإثباتهم لصدق وطنيتهم وتأكيد ذلك (فعلاً) لا قولاً فحسب، حينما سعوا في حماية هؤلاء الشباب من أوكار الظلام ودروب الجريمة ليفرغوا طاقاتهم فيما ينفع بدلاً من تفريغها في ضروب الإفساد في الأرض وإيذاء المسلمين، وهذا الهدف النبيل هو الذي جعلهم يضحون بكثير من وقتهم وجهدهم وراحتهم في تلك الإجازة التي حزم فيها أقرانهم حقائب السفر ميممين وجوههم قِبل المشرق والمغرب للتمتع بها مع أهليهم. |
وكل خبير بواقع هذه الأندية يدرك أن القائمين على هذه الأندية الصيفية يواجهون في كل عام (تحدياً) يتمثل في كيفية استقطاب الطلاب إلى تلك المدارس (التي ودعوها قبل أيام منهين عاماً دراسياً كاملاً ومنتظرين بفارغ الصبر مقدم الإجازة)؛ فإن إعادتهم إلى هذه المدارس التي لا يتوافر في كثير منها إمكانات تمثل عوامل جذب، بالإضافة إلى تعدد المغريات للطلاب خارج أسوار المدارس التي لا يخلو كثير منها من سلبيات.. إن هذا كله ليس بالأمر الهين؛ ما جعل القائمين على هذه الأندية الصيفية يجتهدون غاية الاجتهاد - حينما يخططون لبرامجها وأنشطتها - في أن يتوافر فيها عوامل الجذب والتشويق والتنويع وإشباع الاحتياجات (قدر المستطاع) لتتحقق للطالب معادلة: (الترفيه + الفائدة). ولكن من أكبر ما يعيق تحقيق هذا الهدف بالشكل المأمول عقبة (ضعف الدعم المادي لهذه الأندية)؛ فإن الذي يصل إلى هذه الأندية من وزارة التربية والتعليم إنما هو مجموعة من (الخامات فقط!!)، ولا أدري كيف يغيب عن بال المسؤولين في الوزارة وإدارات التربية والتعليم أن البرامج والأنشطة تحتاج إلى ميزانية (خاصة) لتشغيلها وتنفيذها في أحسن مستوى وبالقدر الذي يشبع رغبات الطلاب ويلبي احتياجاتهم؛ فالبرامج ليست مجرد (كرة) تُرمى للطلاب في (ملعب تغطيه سحابة من الغبار)!! فهذا مما قد يجده الطالب خارج أسوار النادي. |
وإني من هذا المقام أوجه نداء أخوياً للمسؤولين في وزارة التربية والتعليم وإدارات التربية والتعليم قائلاً لهم: ما دمتم مؤمنين بعظيم نفع هذه الأندية الصيفية وجميل أثرها في المجتمع، وتطلبون دائماً من المشرفين عليها أن يسعوا دائماً في تطوير برامج الأندية ويبدعوا في أنشطتها لتحقق أهدافها، ما دمتم تنشدون هذا الهدف فهيئوا لهذه الأندية الصيفية أسباب النجاح، ومن ذلك دعمها بميزانية (خاصة) بتشغيل البرامج والأنشطة؛ (فإن الخامات وحدها لا تكفي لإقامة نادٍ صيفي جاذب للطلاب)، ولا تجعلوا حال المشرفين على هذه الأندية كحال من قيل عنه: |
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له |
إياك إياك أن تبتل بالماء |
|
|
|