لاقى ملتقى الخرج التربوي للإدارة المدرسية صدى إيجابياً لدى التربويين والمعلمين والمعلمات والمهتمين بشؤون الإدارة المدرسية فقد ناقش الملتقى عدداً من الأمور الإدارية والتربوية ومنها المشكلات والمعوقات التربوية التي تواجه مديري المدارس والمعلمين، وتطوير العملية التربوية من النواحي الإدارية والعملية والصفية، وتبادل الخبرات بين مديري المدارس والوكلاء، وتوضيح أهمية القيادة التربوية الفاعلة، والاطلاع على التجارب والخبرات الحديثة في مجال الإدارة المدرسية، وبإجراء النقاشات والحوارات بين الإداريين والمعلمين والمسؤولين في وزارة التربية والتعليم وتلمس الواقع الفعلي للعملية التربوية والتعليمية والإدارية كما يراها مَنْ هم بالميدان من مديري مدارس ومعلمين ومشرفين. وقد أجرى معالي الدكتور نائب وزير التربية والتعليم لتعليم البنين حواراً بهذا الخصوص للحديث حول هذه الموضوعات ضمن فعاليات الملتقى، كما تضمنت الفعاليات محاضرة لمعالي الأمين العام للحوار الوطني حول منجزات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. مثل هذه الملتقيات تهيئ البيئة لعمليات الإنتاج والإبداع الإداري الذي تنشده وتسعى للوصول إليه الإدارات بمختلف أنواعها. يقول أحد الكُتَّاب: إن التربية إذا كانت في مفهومها المعاصر عملية للتغيير والتطوير ولها من الآثار والنتائج الإيجابية ما يجعلها تحتل المكان الأول بين وسائط الإصلاح والتقدم في أي دولة من الدول، فإن نتائج هذه العملية منوطة إلى حد كبير بإدارتها التي تمثِّل القيادة المسؤولة عن سير العملية التربوية وتوجيهها على أساس أن النجاح في أي عمل أو تنظيم يعتمد على الطريقة أو الأسلوب الذي تُدار به تلك الأعمال أو التنظيمات وقدرة تلك التنظيمات على توجيه الأعمال والأنشطة نحو الأهداف المرغوب فيها. وفي هذا الإطار فقد ذكرت دراسة أن الإبداع الإداري يشير إلى القدرة على ابتكار أساليب ووسائل وأفكار مفيدة للعمل، بحيث تلقى هذه الأفكار والأساليب التجاوب الأمثل من قبل العاملين وتحفز ما لديهم من قدرات ومواهب لتحقيق الأهداف وهذا يعني أن الإبداع ليس مجرد فكرة أو قرار وإنما هو عملية تتضمن القيادة والرؤية وإذكاء مواهب ومهارات الأفراد أو الفريق واستثمار نتائج هذه التركيبة وتحويلها إلى القنوات الإنتاجية الصحيحة. وتقرر الدراسة أن التعامل مع الإبداع الإداري أصبح من الأمور التي تأخذ حيزاً كبيراً من وقت القادة التربويين وخاصة في ضوء المتغيرات العالمية المتسارعة وما يترتب عليها من انعكاسات على السلوك التنظيمي وهذا يستدعي من المنظمات إذا أرادت البقاء والمنافسة أن تتهم بالإبداع الإداري. فالإبداع يدعم قوة أي منظمة في تميزها عن المنظمات الأخرى والمنظمات المبدعة وحدها القادرة على تحقيق النجاح. وتعرف الدراسة الإبداع بأنه القدرة على إيجاد واستخدام أساليب ووسائل وأفكار ومهارات مفيدة للعمل بحيث تلقى هذه الأفكار والأساليب التجاوب الأمثل من قبل العاملين وتحفز ما لديهم من قدرات ومواهب لتحقيق الأهداف الإنتاجية والإدارية الأفضل، كما تذكر الدراسة أنه يمكن تطوير القدرة الإبداعية وتنميتها حسب قدرات الأفراد والجماعات والمنظمات وإمكاناتهم وإن مما يشجع على الإبداع وجود بيئة اجتماعية مناسبة تسهل تعاون الأفراد وتعزز المنافسة البناءة وينبغي أن يترافق كل ذلك مع وجود نظام فعَّال للحوافز والمكافآت وأن يكون المناخ التنظيمي مناسباً، وقد يساعد الجو الديمقراطي والابتعاد عن الاتصال الرسمي المقيد بين المستويات الإدارية المختلفة على الإبداع والابتكار؛ والحاجة إلى الإبداع تظهر عندما يدرك متخذو القرار في المنظمة أن هناك فجوة بين أداء المنظمة الفعلي والأداء المرغوب فيه وهذه الفجوة تحث إدارة المنظمة على دراسة تبني أسلوب جديد؛ وتضيف الدراسة أن البعض يظن أن الإبداع يرتبط بالاختراعات أوالاكتشافات العظيمة فقط وبالتالي فإنه حكر على العلماء والخبراء ويحتاج إلى إمكانات ضخمة، وإن أي عامل في منظمة إدارية وخاصة المنظمات الصغيرة غير مطالب بأكثر من أن ينجز مهامه التي تشملها وظيفته. والحقيقة أن الأمر يختلف تماماً وأن أي منظمة لا تضع الإبداع هدفاً أسمى من أهدافها فسيكون مصيرها الفشل والتردي وبالتالي فإن أي موظف على اختلاف مستواه الوظيفي لا يحاول أن يجعل الإبداع جزءاً من حياته فإنه يحكم على نفسه بالتخلف وعدم القدرة على المساهمة في تنمية وتطوير نفسه ووظيفته ومنظمته، وبذلك يفقد مبرراً هاماً لاستمراره أو احتفاظه بوظيفته أو على الأقل لتقدمه وارتقائه.
ملتقى الخرج التربوي مثَّل فرصة طيبة ومناسبة تربوية هامة وخطوة جيدة من عدة خطوات للوصول إلى الإبداع الإداري في الإدارة المدرسية، لقد كان ملتقى الخرج التربوي للإدارة المدرسية ملتقى طيباً خفيفاً مفيداً شاملاً تخللته ورش عمل حول ماذا يريد التعليم العالي من التعليم العام وحول القيادة التربوية الفاعلة من وجهة نظر المشرفين التربويين والمعلمين والمرشدين الطلابيين، وشاركت فيه بعض المدارس مثل متوسطة الغافقي بالخرج، كما تخللته نشاطات اجتماعية ترفيهية. وربما يكون لهذا الملتقى امتداد في المستقبل لاحتواء أمور وموضوعات إضافية تخص المجال التربوي الإداري ومنها الإبداع الإداري؛ وفقنا الله لما يحب ويرضى وعلى الله الاتكال.