قال تعالى في محكم كتابه العزيز: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ). والطبع، وللأسف الشديد، كلنا يلهينا (التكاثر) كثيراً في هذه الحياة إلى أن يزور أحدنا - ميتاً - القبر، وحينها لا ينفع (مال ولا بنون) إلاّ العمل الصالح؛ حيث يلقى المرء ربه (بوجه سليم). ونحن في هذه الحياة الفانية كثيراً ما نزور المقابر ونحن أحياء لنودع عزيزاً على القلب، سواء أكان قريباً أو صديقاً أو معرفةً أو رجلاً فاضلاً جديراً بأن يشيّعه الناس إلى مثواه الأخير؛ طلباً للمثوبة أولاً، ومن ثم تقديراً لأعماله الجليلة في الحياة، والتي نعرفها عنه وفيه، أما ما لا نعرفها فحسابها وحسابه عند رب العالمين. ولعلي في هذا الصدد (القبر - الموت) أكتب ذلك عندما عدت للتو من تعزية بوفاة رجل فاضل خدم دينه ومليكه ووطنه وأحب الناس وأحبوه وترك أثراً رائعاً من أعمال الخير المتعددة في شتى مناحي الحياة، وأعني بذلك العقيد الراحل خشان الحميدي العنزي الذي كان أحد أقربائي، ونعم الرجل، ونعم القريب. ومن هنا لا نملك إلا أن نقول: رحم الله الفقيد، وأسكنه فسيح جناته، و(إنا لله وإنا إليه راجعون).
***
أقول، وفي الصدد ذاته، وأنا أكتب هذه المقالة، وعند هذه النقطة بالذات، نقلت وكالات الأنباء خبر رحيل سمو الشيخ سعد العبدالله الصباح - تغمده الله بواسع رحمته - الذي عمل طويلاً من أجل بلاده الكويت وزيراً للداخلية والدفاع، ومن ثم ولياً للعهد، وكان أحد أهم أركان الحكم طوال حياته المليئة بالجد والعمل واجتياز الصعاب؛ فرحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته. أقول: إنني حقيقة، وقبل نقل هذين الخبرين المفاجئين، كنت أود الكتابة عن ضرورة إقامة مظلات في المقابر لتقي كبار السن والمرضى وصغار السن أيضاً الذين يحضرون للمشاركة في تشييع الموتى أو تقبّل العزاء من أقرباء المتوفين، مع العلم بأن مثل هذه المظلات التي تقي من الشمس أو المطر لا تكلف كثيراً، وبمقدور أي رجل محسن يريد الثواب أن يقيم عدة مظلات في أنحاء متفرقة في المقبرة، ولا سيما إذا عرفنا أن تلك المظلات لا تعدو كونها عدة صفائح من الزنك أو الكيربي أو الخشب تستند إلى قوائم حديدية لا تكلف كثيراً، ولكي يكون الأمر أكثر بساطة فمظلة متحركة (واحدة) تقوم على عجلات تفي بالغرض المطلوب وتحقق المثوبة والأجر، بالإضافة إلى ما يقدمه الخيّرون في المقابر من الماء البارد للمسلمين، جزاهم الله خيراً. كذلك لا بأس أن يتواجد ممرض أو مسعف لحالات الإرهاق أو الإغماء أو ارتفاع الضغط التي تصيب البعض، وكذلك لا بأس بعمل حواجز متحركة للقبور المفتوحة لئلا يقع بها الناس أثناء الدفن، وجزى الله المحسنين كل الخير والثواب.