رغم ما مر على منطقة نجد قبل توحيدها من جفاف وجوع وضعف في الموارد المائية، وانتشار أمراض ذات علاقة بالجوع والفقر، وشيوع حالة من الفوضى والانفلات الأمني وسيطرة الخوف، بيد أن الشاعر النجدي المترع بهمومه اليومية، الساعي وراء لقمة العيش التي قد لا يجلبها حتى الركض والجري وراءها، قد جعل للمتعة والتلذذ بشرب الشاي جانباً مهماً في حياته، حتى لو لم تتحقق فهو أبداً يظل حالماً بأمل حصوله على بعض المتع البسيطة، لدرجة أن وصلت الأمنيات للاستعارة البلاغية حيث يقول الشاعر:

ليت العدانة ورق شاهي كل الطعاميس شكر له!!

والعدانة لمن لا يعرفها هي الأرض المنبسطة على مد البصر، بينما الطعاميس هي النفود والهضاب ذات التلال من الرمال الناعمة المتراكمة والمتصلة عبر سلسلة لا تكاد تنقطع. ورغم وعورتها ومرارة تحمل المشي عليها؛ فما فتئ الشاعر يحلم أن تكون سُكَّراً يحلي به الشاي!!

استرجعت ذلك البيت من مخزون ذاكرتي، وزادت دهشتي، حين أدركت أن افتنان السعوديين بالشاي وتعلقهم بشربه ليس جديداً لدرجة أن وصل استهلاك السوق السعودي إلى7 مليارات كوب سنوياً بكلفة إنفاق تصل إلى 170 مليون دولار. بحسب ما أكدته الدراسات الإحصائية التي ذكرت أن المملكة تحتل المرتبة الثانية عربياً في استهلاك الشاي، رغم أن الشاي ليس ضمن المحاصيل التي تزرع في المملكة، ولا تناسبه الأجواء الجافة! بل إن الشاي ارتبط ذهنياً بالضرر على خلايا المخ لتسببه في السهر والتوتر ومساهمته في تكسير الحديد في الجسم.

في حين أن الدراسات والبحوث حول الشاي من الناحية الصحية قد شهدت تقدماً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية، إذ علمنا أن العالم يستهلك العالم نحو 3.5 مليارات كوب من الشاي يومياً، حيث أشارت مصادر المؤسسة القومية للصحة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن الدراسات حول الشاي تتجاوز 1000 دراسة صدرت حتى عام 2004م. وتؤكد تلك الدراسات أن الشاي يعد أهم المشروبات المفيدة بعد المياه! فهو يمد الجسم بالسوائل دون إضافة مزيد من السعرات الحرارية للجسم، لعدم احتوائه بذاته على سعرات حرارية في حالة عدم إضافة الحليب أو السكر إليه. ويحتوي الشاي على مضادات الأكسدة التي تمثل نوعاً من الوقاية ضد أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض السرطان، كما أنه غني ببعض المواد التي تحسن من وظائف المخ، بالإضافة إلى مواد تمثل نوعاً من الوقاية ضد الميكروبات المعدية والالتهابات.

وإلى حين تظهر لنا دراسات تثبت منافع الشاي أو تؤكد مضاره، اشربوا الشاي ولكن اغسلوه قبل الاستعمال، زيادة في الوقاية ومزيداً من المتعة!!