أصابتني الدهشة والاستغراب عندما راح يسهب في سرد الأنظمة والضوابط (العتيدة) التي يجب أن تتوافر في ذلك الذي يريد أن يتقدم لتلك الوظيفة، الجميع مسمرون بصرهم نحوه بفعل طرحه الذي تحول إلى ذاتيته ومدى التزامه بتطبيق النظام في دائرته منذ سنوات عدة، فهو لا يقبل (الواسطة) بل يحاربها فيجب ان تعطى الوظيفة للذي هو جدير بها الذي يجب ان يتخطى عدة اختبارات (صورية) فالبقاء للأفضل، انني اسمع في الكثير من الدوائر من نخرت (الواسطة) في أعمالها فأحضرت القريب والصديق الذين كان إنتاجهم يقتصر على الحضور في احسن هيئة ومظهر، لا يكاد يمر من وقت العمل منتصفه حتى ترى ان مكتبه أصبح مظلماً، انني في ساعات العمل أقوم بجولة سريعة لكي أرى مدة الالتزام بسير العمل، التفت إلى صاحبي الذي بجانبي وتبسمت فأراد معرفة سر تلك الابتسامة!! |
فبادرته على الفور فقلت ليست المرة الأولى التي يشنف آذاننا بحديثه الممل فلا يترك فرصة في لقاء أو اجتماع الا ويعيد هذا الحديث الذي يكثر فيه أحيانا من الحكم والأمثال ليثبت لمن ينصب اليه مدى قدرته وثقافته التي تصنع له إطارا (مزيفا) يبرز شخصيته المرموقة، أتعرف ان هذا الذي اشبع الأنظمة طرقاً، قد استعمل كل الطرق والوسائل من أجل توظيف ابن أخيه في احدى الدوائر وهو غير جدير بذلك لان المعايير المطلوبة لم تكن متوافرة فيه، بل ليت الأمر اقتصر على هذا لقد ضرب ابن أخيه عكس الصورة التي يتحدث عنها الآن من تأخر عن العمل إلى الغياب إلى الخروج بدون علم مديره الذي يعاني من مدى استهتاره بالعمل، يضاف إلى هذا كله - ما يجعل الأمر في غاية السخرية - هو ان ابن أخيه يتعامل مع زملائه في العمل بشيء من التعالي والنظرة الدونية إليهم تراه منتفشا كالطاووس في تكبر وغرور يصدق فيه قول الشاعر: |
وكائن ترى من صامت لك معجب |
زيادته أو نقصه في التكلمِ |
|
وسل العياذ من التكبر والهوى |
فهما لكل الشر جامعتان |
وهما يصدان الفتى عن كل طر |
ق الخير إذ في قلبه يلجان |
فعجبا لهذا، هل هو يخاطب سذجا أو مغفلين أم أنه يريد حب الظهور والبروز الذي تسرب مع الأسف إلى الكثير من الذين يبحثون عن مكانة في العمل على حساب زيادة الإنتاج والتطوير. |
ولكن يبقى ان نقول كما قال الشاعر: |
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ |
عارٌ عَلَيكَ إِذا فَعَلتُ عَظيمُ |
ابدأ بِنَفسِكَ وَانَها عَن غِيِّها |
فَإِذا انتَهَت عَنهُ فَأَنتَ حَكيمُ |
فَهُناكَ يُقبَل ما وَعَظتَ وَيُقتَدى |
بِالعِلمِ مِنكَ وَيَنفَعُ التَعليمُ |
|