إن الإشراف التربوي يمثل دوراً حيوياً في إنجاح العملية التعليمية والنظام التربوي من حيث أنه يلعب دوراً كبيراً في إنارة السبيل أمام العاملين في الحقل التعليمي.
كما أنه عملية فنية شورية قيادية إنسانية شاملة، غايتها تقويم وتطوير العملية التربوية والتعليمية بكافة محاورها، تهدف إلى تحسين التعليم من خلال رعاية وتوجيه وتنشيط النمو المستمر لكل من الطالب والمعلم والمشرف ذاته.
فهي عملية شورية تقوم على احترام آراء المعلمين وزملاء العمل، وتسعى هذه العملية إلى تهيئة فرص متكاملة لنمو كل فئة وتشجيعها على الابتكار والإبداع.
وهو عملية قيادية تتمثل في المقدرة على التأثير على المعلمين والطلاب لتنسيق جهودهم من أجل نجاح العملية التعليمية والتربوية وتحقيق أهدافها.
وهو عملية إنسانية تهدف إلى الاعتراف بقيمة الفرد بصفته إنساناً ولكي يتمكن المشرف التربوي من بناء صرح الثقة المتبادل بينه وبين المعلم، وليتمكن من معرفة الطاقات والقدرات الموجودة لدى كل فرد يتعامل معه، كما أن الإشراف التربوي يعد عملية منظمة ومخططة تهدف إلى تحسين الناتج التعليمي، من خلال تقديم الخبرات المناسبة للمعلمين والعاملين في المدرسة، والعمل على تهيئة الإمكانيات والظروف المناسبة للتدريس الجيد والعمل الإداري المتميز الذي يؤدي إلى نمو التلاميذ فكرياً وعلمياً واجتماعياً، ويحقق لهم الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة.
إذ ينبغي على المشرف أن يشخص الموقف التعليمي، ويبرز ما فيه من قوة أو ضعف، ويوجه المعلمين لعلاج الضعف وتجنب السلبيات وتحاشي المزالق وتدارك الأخطاء، ومما هو معلوم لدى الجميع أن التدريس يقوم بتوجيه عقول الناشئة وتثقيفها وتنميتها وتطويرها، بل وتزويدها بكل مقومات الحياة لذا كان حقاً على جميع العاملين في الحقل التعليمي التربوي بذل الجهد ومضاعفة المسؤولية في سبيل تخطي العقبات وإزالة المعوقات والسير نحو التقدم والرفاهية والعيش السعيد، فكان ممن له حظ وافر في هذا المجال هو المشرف التربوي، إذ بنجاحه تزدهر النتائج وتحقق الآمال ويتقدم المجتمع بلبناته المعطاءة المتوثبة نحو العلا والمجد وإضاءة سبل الآخرين. إن الجميع يشهد أن المشرف التربوي عليه عبء ثقيل ومسؤوليات جسام، بل إنه في موقع مهم للغاية وأساسي في العملية التعليمية والتربوية، وبدوره الفعال يسهم إسهامات بناءة في تحسين وتطوير العمل التربوي والتعليمي على حد سواء، كما إنه - وهذا شرف عظيم له - يمثل قمة الهرم التعليمي، الأمر الذي يثقل كاهله ويضاعف من مسؤولياته أمام الله عز وجل ثم أمام المجتمع. إن المشرف التربوي في الحقيقة خبير فني، وظيفته الأساسية تتمثل في مساعدة المعلمين على النهوض والنمو والارتقاء المهني وتنمية قدراتهم وذواتهم وتحسين أدائهم الوظيفي وقيامهم بالأعمال المناطة بهم وتذليل كافة الصعوبات التي تواجههم من أجل أن ينفذوا المناهج المقررة ويحققوا آمالهم التربوية، لإحداث تغيرات إيجابية في سلوك التلاميذ وطرق تفكيرهم، ليصبحوا أدوات بناءة وعناصر معطاءة، قادرين على نفع أنفسهم ومجتمعهم والدفاع عن عقيدتهم ووطنهم. إن المشرف التربوي الذي يصبو إلى النجاح وتحقيق الذات وإرضاء الرب سبحانه وتعالى لابد أن يكون لديه أساسيات في عمله وهي: التعاون الإيجابي والبعد عن الأنانية، وأن يتمتع بالتفكير الجماعي المتكاتف المتعاون، وأن يكون لديه مرونة ويتلاءم مع الظروف المتغيرة كما أنه لابد أن ينتهج مناهج التجديد والابتكار ويبتعد عن التقاليد، ولابد أيضاً من الإبداع في اتخاذ الإجراءات الوقائية التي تمكن من تلافي المشكلات قبل حدوثها. وأن يتحلى بالتواصل والاستمرار فيما هو مفيد، فقد قيل (النجاح يقود إلى نجاح آخر) كذلك لابد أن تكون انتقاداته علمية بناءة، منزهة عن الأهواء والرغبات الشخصية، وأن يبتعد عن العمل الروتيني في تدوين ما لديه من ملاحظات دون أن ينقل ما لديه من خبرات فنية وعلمية، كما أن المشرف الناجح لابد أن يضع نصب عينيه المهام والأهداف التي يسعى لإنجازها وتحقيقها ومن أهمها: رصد الواقع التعليمي والتربوي وتحليله ومن ثم تطوير الكفاءات العلمية والعملية لدى العاملين معه في الميدان، وتنمية الانتماء لمهنة التدريس والاعتزاز بها وإبراز دورها وبيان آثارها في المدرسة والمجتمع، والتعاون والتنسيق مع الجهات المختصة للعمل في برامج الأبحاث التربوية والتخطيط وتنفيذ وتطوير برامج التعليم والتدريب والعمل على بناء جسور التواصل بين العاملين في ميدان التعليم والعمل على ترسيخ القيم والمبادئ السامية التي قررتها الشريعة الإسلامية، والنهوض بمستوى التعليم وتقوية أساليبه للحصول على أفضل النتائج في مجال التربية والتعليم بإذن الله وكذلك تحقيق الاستخدام الأفضل والأمثل للإمكانيات المتاحة بشرياً وفنياً واستثمارها بنجاح، وتطوير علاقة المدرسة بالمجتمع للاستفادة من خبرات الآباء والمربين.
إن من أعظم الوسائل في إنجاح العملية التعليمية تتمثل في:
- اطلاع المشرف التربوي على الاتجاهات المختلفة في مجال الإشراف، ومعرفة الأسس الفكرية والتربوية التي كانت سبباً في ظهورها وهذا يعطي المشرف التربوي منظوراً أشمل وخيارات أكثر للعمل الناجح.
- أيضاً الثقة المتبادلة بينه وبين المعلم، إذ إنه لابد من المشاركة الفعالة من المعلم بحيث يتفق هو والمشرف على السلوك المراد ملاحظته، ويقومان بتحليل المعلومات ودراسة نتائجها.
- مراعاة الفروق الفردية بين المعلمين، والاجتماع الفردي بين المشرف والمعلم، فهذه ترفع من معنويات المعلم وتكون أكثر فاعلية لتحسين دوره التعليمي.
- الاجتماعات العامة بالمعلمين، فهي أكثر توفيراً للوقت والجهد، وتساهم في تحقيق بعض القيم الأخرى منها:
- تقدير المسؤولية المشتركة بين المشرف والمعلم والإيمان بقيمة العمل الجماعي وتبادل الآراء والاقتراحات.
- تأليف نشرة تربوية تعليمية ينقل فيها المشرف أراءً وأفكاراً ومهاراتٍ وكثيراً من حلول المشكلات التربوية التي تساهم في رفع مستويات المعلمين، وهذه الوسيلة توفر الوقت والجهد وهي من الأساليب الناجحة إذا أعدت بعناية فائقة ونظمت تنظيماً دقيقاً صحيحاً، وخرجت عن دائرة الأوامر والنواهي.
والاجتماع بالمعلمين، من خلال محاضرة يستعرض فيها السلبيات التي رآها على بعض المعلمين دون أن يعين أحداً، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان يقول لمثل هؤلاء: (ما بال أقوام فعلوا كذا وكذا) ولم يعين أحداً بشخصه.
وأخيراً أسال الله عز وجل أن يكلل جهود الجميع بالنجاح وأن لا يحرمنا الأجر والمثوبة يوم لقاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين.
hhhmod@hotmail.com