رغم حداثة الفترة الزمنية لظهور الطب الوطني في بلادنا، إلا أننا نستطيع أن نقول إن أطباءنا وطبيباتنا قد أثبتوا أنفسهم بجدارة داخليا وخارجيا، ويشعر أبناء الوطن وبناته معهم أنهم في أيد أمينة علما وعملا وخلقا، لأنهم متأكدون أنهم إنما يرعون صحة أبناء مجتمعهم، ويخدمون وطنهم، ويراقبون ربهم، ويرغبون في إثبات ذاتهم لمحيطهم.
ومع ذلك فنحن إلى الآن لم نقدم لهم ما يستحقون من دعم وتقدير، فالطبيب الوطني والطبيبة السعودية لم يأخذوا إلى الآن ما يستحقونه من تشجيع مادي أو معنوي بدءا من سرعة توظيفهم ومرورا بمراحل تدريبهم وانتهاء بتكريم أعلاهم رتبا علمية، ولا يعلم أحد أسباب هذا التجاهل الذي في غير موضعه، رغم ما يبذلونه من جهد وسهر وتفان.
لذا فقد شعرت بسعادة بالغة حينما هب نسيم عليل خفيف في الساحة الطبية مؤخرا حيث أقامت المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض في يوم الصحة العالمي حفل تكريم للمتميزات في المراكز الطبية وفي مقدمتهم الطبيبات، فكنت أشعر ساعتها كأني أزف عرائس نبوغ غاليات على قلبي، وأصفق لهن بحرارة رغم عدم اعتيادي الحماس للتصفيق.
وقد رعت حرم خادم الحرمين الشريفين الحفل السعيد، ترافقها حرم معالي وزير الصحة، وهذه بادرة طيبة تحمد للإدارة النسائية في مديرية الشؤون الصحية؛ لأنها ليست مجرد تكريم للمتفانيات في خدمة صحة المجتمع على حساب راحتهن وحياتهن الشخصية فحسب، إنما أيضا لدعم الخدمات الطبية في بلادنا والحرص على صحة المواطن والمقيم من خلال تشجيع المخلصات وتحفيز سواهن.
إن ابنة الوطن محتاجة للدعم منا جميعا كي تستطيع مواصلة دورها بتفوق وحماس وإخلاص، كي لا يصيبها الإحباط، فهي تبذل الغالي والنفيس في سبيل مهنتها الإنسانية التي ليست سهلة أبدا وسط مهامها الأنثوية الأخرى، وهي تقدم خدمة عظيمة لأختها المسلمة المحافظة التي تفضل التعامل مع شقيقتها الأنثى.
وقد كان التكريم الصحي تحت شعار: (حماية الصحة من التغيرات المناخية)، وشاركت فيه طبيبات ومسؤولات بمحاضرات وكلمات قيمة إضافة للمنشورات التوعوية الصحية التي تساهم في محاولة إيجاد بيئة صحية سليمة تنعكس إيجابا على سلامة المجتمع عموما وفي مقدمته الأم والطفل من جميع المناحي، سواء من خلال الحرص على الصحة الغذائية، ومقاومة الأمراض التي تنتشر مع التغيرات المناخية، والاستعداد للكوارث البينية وغير ذلك.
بقي أن نذكر بأن هذا الشعار الصحي بأمس الحاجة أن يدخل موضع التفعيل الطبي والإرشادي، من قبل جميع منسوبي ومنسوبات وزارة الصحة، وبالذات مسؤولوها، الذين يطبقون بقدر طاقاتهم البشرية والتقنية الآية الكريمة القائلة: {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}.
g.al.alshaikh12@gmail.com