أحبتي القراء الكرام: الزيادة والنقص في المنام هي من الأمور المعتبرة في التعبير لدى أهل التعبير وهي من الأشياء المهمة، والعجيب في هذا أن كثيراً ممن يسأل عن منامه يقص رؤيا طويلة جداً وقد يكون لها مدلولات وقد لا يكون لها مدلولات وإنما هي تفاصيل لا حاجة لها والأعجب من هذا أن بعضاً من المعبيرين عندما تقص له الرؤيا ولم ينته بعد من إتمامها تكتمل الصورة لديه بالكلية فقد يتفاجأ صاحب الرؤيا من ذكر بقية الرؤيا وفصولها وتفاصيلها من قبل المعبر وهذا يكون كما أن البعض قد يسمع بالقصيدة أو بالبيت الشعري فيكمله قبل أن يتم وذلك لتناسب تراكيبه وأوزانه لسانه وعقله، وقد يكتشف المعبر أيضاً حتى بأن الرؤيا ناقصة ولم تكتمل فلا يظهر له منها شيء. وهذا يسوقنا أن نبين أنه يجب على صاحب الرؤيا أن يذكر ما رأى بدقة متناهية لا يزيد ولا ينقص فيها حتى لا يتغير التعبير والتأويل أو يفسد.
والشيء الواحد في المنام له تعبير فإن زاد أو نقص هذا الشيء فقد يتغير قال الإمام البغوي رحمه الله تعالى: (وقد يتغير حكم التأويل بالزيادة والنقصان كقولهم في البكاء: فرح، فإن كان معه صوت ورنة فهو مصيبة، وفي الضحك: أنه حزن، فإن كان تبسماً فصالح، وكقولهم: في الجوز: إنه مال مكنوز، فإن سمعت له قعقعة فهو خصومة، والدهن في الرأس زينة فإن سال على الوجه فهو غم، والزعفران ثناء حسن فإن ظهر له لون أو جسد.. فهو مرض أو هم، والمريض يخرج من منزله ولا يتكلم فهو موته، وإن تكلم برأ، والفأر نساء ما لم يختلف ألوانها، فإن اختلف ألوانها إلى بيض وسود فهي الأيام والليالي، والسمك: نساء إذا عرف عددها فإن كثر فغنيمة).
وهكذا قالوا... ومن رأى على جسده دملاً فكأنه يصيب مالاً بقدر قوته في المدة وكثرتها.
ونلاحظ جميعاً أن كل هذه الطرق في التعبير التي مرت معنى سابقاً وأطلنا النفس فيها قليلاً لأهميتها متداخلة بعضها مع بعض فلا يستغني المعبر عن بعضها دون البعض الآخر، علماً أن هناك طرق أخرى يسلكها المعبر في التعبير لم نتعرض لها كالتعبير بالاشتقاق أو التصحيف بأنواعه، أو تغير الحركات، أو تقطيع الكلمات، أو عكس وقلب الكلمة، أو اجتماع التصحيف والمشابهة والتقطيع وتغير الحركات، أو اللزوم، أو المآل، أو التضاد، أو اعتبار ما ينطق به العوام من الناس، أو الاشتراك باللفظ والتواطئ والمجاز، أو الاعتبار بعدد الأحرف والاسم والعلامات، إلى غير ذلك من الطرق الأخرى المعتبرة والمعمول بها في التعبير والتي تجاوزناها حتى لا يطول بنا المقام، وهذا دليل لصعوبة هذا العلم النفيس إذ لا يجيد ميدانه إلا الموفق المسدد، فللمعبر صفات وشروط يتحلى بها تميزه عن غيره هذا ما سيكون محور مقالنا في الأسابيع القادمة أترككم في حفظه ورعايته والله تعالى أعلم.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 9702 ثم أرسلها إلى الكود 82244