تتوجب العناية بالتوجيه المهني للمعوقين وذلك لعلاقته بزيادة مؤشر رفع القدرات للمميزين منهم ليتمكنوا من اختيار ميادين العمل المناسبة التي تتفق وخبراتهم وقدراتهم واستعداداتهم، حيث يقوم المختصون بمتابعتهم وإخضاعهم لتمارين نفسية
ومن ثم إدخالهم في عالم المهن، وذلك ارتباطاً مع الحالة النفسية والجسدية التي وصل إليها المعاق، وتؤكد العديد من الدراسات أن من بين مؤشرات تقدم المجتمع مساهمة المرأة في النشاط الاجتماعي والاقتصادي، بل هناك آراء ترى أن أي خطة تنموية لابد أن تعتمد في جهودها على مشاركة المرأة بجانب الرجل - بضوابط شرعية- بوصفها نصف القوى البشرية في المجتمع. ولا ريب أن هناك اختلافاً بين الرجال والنساء في الميول والاهتمامات، وتشير الباحثة الدكتورة ماجدة السيد في كتابها (تأهيل المعاقين) بأن النساء المعوقات تواجه في كثير من دول العالم تمييز مضاعف، أولاً بسبب جنسهن، وثانياً بسبب إعاقتهن، وهذا التمييز يمكن أن يكون خطيراً للغاية من حيث تأثيره على جوانب من حياتهن التعليمية والاقتصادية والتشغيلية ومن حيث الزواج والأسرة والعناية الصحية التأهيلية.. وتعترض النساء المعوقات صعوبات في التدريب المهني، حيث إن تأثير الإعاقة عليهن يبدو أكثر وضوحاً بعدم تكافؤ الفرص أمامهن في الحصول على عمل مناسب.
ففي الدول العربية تشير الإحصائيات إلى أن نصيب المرأة في القوة العاملة يبدو نوعاً ما منخفض، فنسبة النساء المعوقات اللواتي يحصلن على خدمات التأهيل المهني المعدة للتوظيف قليلة جداً، وفي نفس السياق يقول الباحث في قضايا توظيف المرأة الدكتور عبدالله الشتيوي: (إن التعليم الفني والتدريب المهني للمرأة لا يزال في بداياته مقارنة بالدول الأخرى سواء صناعية أو شبه صناعية، وما زال لا يلبي حاجة سوق العمل) (مجلة التدريب والتقنية العدد 76)، وتشير كثير من الإحصائيات الحديثة أن النساء المعوقات تشكل على الأقل ثلث عدد المعوقين في العالم - يتراوح عددهم 500 مليون معاق- أي ما يقدر بـ(160) مليوناً، وقد يصل إلى أكثر من 200 مليون معاقة أي تقريباً (5%) من عدد السكان في أي بلد، ولا يوجد -في نظري- معلومات إحصائية حديثة عن عدد النساء المعوقات التي يعملن في سوق العمل، وخاصة الموهوبات في مجال أعمالهن، فالبحوث والمراجع التي تتعلق بهذا الخصوص قليلة جداً، كذلك ندرة المهن المتاحة لمعظمهن، إضافة إلى النقص في تعليمهن والتمييز المحتمل ضدهن من قبل أرباب العمل ومن الزملاء في العمل وكل تلك الأمور تؤثر على فرص تشغيلهن، واقتصار تشغيلهن على عدد محدود من الأعمال.
نتيجة ما سبق طرحه يتبين مدى الحاجة الملحة للاهتمام بتلك الفئة ليس فقط مساعدة النساء المعوقات بالطرق التقليدية التي نراها الآن، ولكن يجب وضع برامج ومشاريع تتعلق بتوجيههن المهني ومن ثم تأهيلهن، وقد بدأت بالفعل بعض الدول كأستراليا بعمل براج خاصة منها (انظر التأهيل المهني للمعوقين للدكتور يوسف الزعمط):
- إنشاء خدمات للمعلومات والمساعدات الخاصة للنساء اللواتي تقع لهن حوادث في العمل واللواتي يمكنهن العودة للعمل.
- وضعت خطط لبرامج للمعوقات حركياً.
- قامت بوضع خطة عمل لتأهيل النساء المعوقات.
لا يقتصر حاجات النساء المعوقات على ما قامت به أستراليا ولكن ينبغي عمل آليات وبرامج عديدة لأصحاب تلك الفئات والتي من بينها ذوو القدرات الخاصة منها:
- تأمين فرص العمل التي تتناسب مع إمكاناتهن وظروفهن.
- اكتشاف الطاقات النسائية المتميزة وتنميتها وتوظيفها في بناء المجتمع المسلم، ولا تتوقف المساعدة فقط بتأهيلهن في سوق العمل، ولكن متابعتها وإرشادها أثناء عملها.
- التعاون مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني والقطاعات الأخرى ذات العلاقة لتطوير مقررات دراسية في التعليم العام خاصة بالتوجيه المهني للمعوقات.
- وضع الأنظمة والتعليمات التي تساعد تلك النسوة في الحصول على حقوقهن كغيرهن من غير المعوقين إذا ما توافرت لهم جميع الظروف المناسبة.
بعض النساء المعاقات الموهوبات يتعاملن مع مفاهيم وأهداف لا يستطيع المجتمع من حولهن وكذلك المعاقات من أمثالهن الوصول إليها، إنهن غريبات وبعيدات أو منعزلات بدرجة أو بأخرى وقد لا يستطعن التكيف والاندماج داخل المجتمع، من أجل هذا يجب وضع مراكز للتوجيه المهني للمعوقات لفهم حاجاتهن الإرشادية المختلفة، ومساعدتهن على التعامل مع قدراتهن المتعددة فيما يتعلق بالأهداف المهنية واتخاذ القرارات إضافة إلى مساعدتهن على تطوير المهارات الاجتماعية، واستخدام مواهبهن لمساعدة أنفسهن.
نحن بحاجة إلى أساليب خاصة للنساء المعاقات من ذوي القدرات للتغلب على خوفهن من الفشل عن طريق المختصين في التوجيه المهني، ولا بد أن نعلم بأن التوجيه المهني للنساء هو مرآة النجاح المهني، فالقاعدة تقول هناك رابط بين الميول والاهتمامات وبين المؤشرات للتنبؤ بالتفوق والنجاح المهني لدى النساء المعوقات.. أخيراً تقول الكاتبة الأمريكية المعاقة الموهوبة هيلين كيللر: (إن الذين يراقبوني من شرفة وجودهم المعافى، يرثون لحالي ولكن مهما بدا طريقي مظلماً في أعينهم فإني أحمل نوراً عجائبياً في قلبي، فالإيمان ينير كل سبيل أسلكه).
وللحديث بقية...
zeidlolo@hotmail.com