لو أنني أملك تغيير كثيرٍ مما سبق من أحداث عمري لما ترددت لحظة في فعل ذلك، فما مضى من سنين فيه كثير مما أود تغييره أو تصحيحه واستبداله.. لكنني كغيري لا أملك القدرة على تغيير ما كان. ولو أنني أملك السيطرة الكاملة

على نفسي وأهوائها وكبح رغباتها بالكامل، لتمكنت من تخليصها من هذا الأنين الذي يفرض الألم والندم بشكل لا ينقطع، ومن ضبط ما تفيض به من مشاعر، فلا أحب من لا يستحق أن يحب، أو عندما لا يكون للحب مكان، ولا أغضب عندما لا يكون للعتب عنوان، ولما تسببت في أن أصدر بعض الألم والمعاناة لمن كان قدره أن ترتبط حياته بحياتي بوجه أو بآخر.. لكنني للأسف لا أملك القدرة على فعل هذا.

ولو أنني أملك التحكم بالمستقبل، لأوجدت لنفسي عالماً آخر، لا يكون فيه قلوب مريضة، ولا أذى من يحب الأذى لذاته، ولتخيرت الناس من حولي، ولعدلت القوانين والنظم، فأمكّن هذا وأبعد ذلك، ولبنيت لي مكاناً لا يدخله إلا من يملك القدرة على التعايش والتسامح والعطاء بأكثر مما يأخذ، ومن يحرص على الإتيان بواجباته بقدر ما يحرص على نيل ما يراه من حقوقه.. لكنني لا أتحكم بالمستقبل وأن جاهدت نفسي على صناعة ما أراه من أسباب توصلني لما أريد.

هذا ما أقوله لنفسي دائماً عندما تخذلني اللحظة، وتغلبني الظروف التي لا أحب بما تفيض به من مشاعر، فأجلس مع نفسي عندما يحيط بها الإحباط من كل جانب أردد ما قلت آنفاً حتى إذا مضى ما كنت فيه - وكل شيء يمضي - عدت أسابق الخطى لأعود ثانية إلى ما كنت عليه.. اللهم آت نفوسنا تقواها.. والله المستعان.