Al Jazirah NewsPaper Thursday  08/05/2008 G Issue 13006
الخميس 03 جمادى الأول 1429   العدد  13006

هذرلوجيا
الأوحد دوما
سليمان الفليح

 

الطود عالي ما يدني شماريخه

من جار سوء على الجار درار

من اللبن مغرز والسوء دايم نفيخه

لو هي أمطرت تمطر العار

(الندا) منا وجمعهم دايم صريخه

وإيوان كسرى نحمي منها الادبار

بالقادسية وامثالها نحمي افاريخه

بجيش لا ينثني على العدو جرار

يدعمه رب الكون وقاده صواريخه

يلهج باسمك الازغار والاكبار

(الشاعر: صدام حسين)

* حينما سادت الحضارة الرومانية وأصبحت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس لاتساع الأقاليم والبلدان والبحار التي سيطرت عليها في أنحاء المعمورة ووصلت حدا من الثراء و(الفخفخة) وازدهرت فيها فنون النحت والفلسفة والشعر والأدب والموسيقى أصيب أحد قياصرتها ب(لوثة) الفن ليضيف إلى مجده مجدا لم يبلغه سابقوه فأخذ يكتب الشعر ويؤلف القطع الموسيقية كيفما اتفق. وذات يوم عنّت له فكرة (مجنونة) حقا ألا وهي أن يكتب قصيدة عن (مدينة تحترق) ويضع لها لحنا مميزا ينسجم مع إيقاع القصيدة ولكي تكون فكرته واقعية مئة بالمائة أمر جنوده أن يحرقوا (روما) ليجلس في شرفة القصر يتأمل المشهد ليكتب القصيدة المأساة، وبالفعل كان له ذلك، ولكن الغريب في الأمر أن التاريخ لم يحفظ تلك القصيدة المشؤومة بل حفظ (الفعلة) المشؤومة لذلك العنصر المشؤوم الذي كان اسمه (نيرون) والذي أحرق أجمل مدينة في الدنيا من أجل نزوة طاغية عنيد.

***

ذلك الفعل النيروني الجنوني الذي يجسد مأساة تعلق الطغاة بالفن يذكرني بأن هتلر كان رساما تشكيليا تتركز أعماله بالدمار والكوارث التي جسدها على أرض الواقع (فعلا) عبر حروبه المدمرة التي اجتاحت الكرة الأرضية وخلقت الخراب والدمار وأيضاً تذكرت أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حينما تعلّق بالإعلام أصبح يغطي كل برامج تلفزيون العراق بزياراته الغريبة والعجيبة فهو فلاح مع الفلاحين وعامل مع العمال وجندي مع الجنود وراع مع الرعاة، وحينما همس في أذنه ذات يوم وزير إعلامه العتيد لطيف نصيف جاسم أن ذلك لا يجوز قال له غاضبا: إذن بماذا ستملأ ساعات البث؟ فقال له لطيف جاسم - متحايلا - بالقرآن الكريم مثلا، فقال له صدام: لا بأس شريطة أن أكون أنا المقرئ!! ومنذ ذلك التاريخ أخذ صدام حسين يملأ خطاباته بالآيات الكريمة سواء أكان الاستشهاد في موقعه أو لم يكن فأصبح هو رجل الدين الوحيد والإعلامي الوحيد وحينما أشار له لطيف جاسم أن يترك مجالا للأدب والأدباء اعتكف صدام حسين ليكتب رواية بعنوان (زبيبة والملك) وطرد جميع الروائيين المبدعين خارج العراق وأصبح صدام حسين هو المقاتل الأوحد والإعلامي الأوحد والأديب الأوحد، ولأن شعب العراق بطبيعته شعب مبدع على كافة الأصعدة، ومنها الشعر فقد غار صدام حسين من شعراء العراق وطردهم كلهم ليكون هو الشاعر الأوحد أيضاً، ولكن المؤسف حقا أن هذه الموهبة لم تهبط عليه إلا في أيامه الأخيرة في السجن وما أشرنا إليه آنفا وفي مستهل هذه المقالة من (شعر!!) ما هو إلا الإبداع الأخير للرئيس (المبدع) ولكننا حقيقة لا نعرف كيف (نصنّف) بل ونفهم هذا الشعر(؟!).

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد