كأنه (عفريت) مخزَّن في قمقم، يخرج -أو يخرجونه- وقت الضيق، فالمتابعون للصراع العربي الإسرائيلي أصبحوا على يقين أن الإسرائيليين لا يريدون حل هذا الصراع سلمياً، وأنه كلما اقتربت التسوية في الإنجاز تظهر ذريعة لإسقاط الحكومة الإسرائيلية تغيّب المفاوض الإسرائيلي وإذا تعذّر إسقاط الحكومة يقتل رئيس الحكومة كما حصل لإسحاق رابين.
الآن أولمرت يكاد يحقق نوعاً من التسوية، ورغم كل (التنازلات) التي يقدمها الفلسطينيون من أجل الحصول على (وعد) لإقامة دولتهم، بدأت العراقيل الإسرائيلية لإفشال جهد أولمرت المحاصر بالضغوط الأمريكية، وهنا (أُظهر) العفريت من قمقمه، وهذه المرة تجسّد في الكشف عن تجاوزات جنائية لرئيس الوزراء أولمرت وقبضه رشاوى ستقوده إلى السجن -إذا تأكدت- وبالتالي إسقاط سياسته.
وقد كشفت مصادر أمريكية مقربة من وزيرة الخارجية كونداليزا رايس أنها أعربت خلال محادثاتها الأخيرة في القدس عن قلقها من التحقيق الجديد الذي تديره الشرطة ضد أولمرت، ومن الآثار السلبية التي قد تنعكس على المسيرة السياسية.
وحسب تلك المصادر، فإنه من الواضح أن رايس تخشى من أنه حتى لو انتهى التحقيق دون شيء، فإن الأمر سيمس بقدرة أولمرت على التقدم في المسيرة.
أما عضو الكنيست الإسرائيلي (زئيف ألكين) من جزب كديما، فيرى أن الحزب بات بحاجة إلى زعيم آخر، لأن رئيس الحزب (رئيس الوزراء إيهود أولمرت) يقوده إلى اتجاه مستحيل.
ورفضت المحكمة الإسرائيلية العليا طلب وسائل الإعلام الإسرائيلية رفع حظر النشر المفروض على قضية الرشوة المتهم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي (إيهود أولمرت) وعزت المحكمة يوم الثلاثاء رفضها لهذا الطلب ب(أنها لا تريد تشويش مجريات التحقيق، وتعكير أجواء الاحتفالات التي تنظمها إسرائيل لمرور ستين عاماً على استقلالها). وأثار قرار المحكمة حفيظة وسائل الإعلام الإسرائيلية وعلق مندوب صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية عليه بالقول (إن التحقيق الذي يجري هو تحقيق أمني بخصوص تسريب معلومات للعدو - سوريا).
أما صحيفة هآرتس العبرية فترى أن بعض وزراء حزب كاديما -الذي يرأسه (أولمرت)- طالبوا بإجراء انتخابات تمهيدية داخل الحزب، وأن (شاؤول موفاز) وزير المواصلات سيسعى للتنافس على قيادة الحزب، لافتة إلى ازدياد المخاوف لديهم في أعقاب تسرب بعض الأنباء عن التحقيق في القضية.
وأضافت هآرتس -نقلاً عن أحد الشخصيات الكبيرة في الحزب، والذي رفض ذكر اسمه- (أن الحزب لا يقبل بأن ينهار خلف أولمرت، وعليه أن يرحل)، مشيرة إلى التزام الصمت من قبل باقي الوزراء ولم يخرج أحد للدفاع عن أولمرت.
وحسب (هآرتس) فإن مصادر في حزب كاديما أعربت عن خشيتها من سعي أولمرت لتعجيل المفاوضات مع الفلسطينيين بهدف لفت الأنظار عن التحقيق معه.
وقال (جدعون ساعر) رئيس قائمة حزب الليكود في الكنيست: طالما أن التحقيقات تتسارع ضد رئيس الوزراء فإنه سيعمل على تسريع التقدم في المفاوضات من خلال تقديم تنازلات في القضايا الاستراتيجية التي تمس أمن إسرائيل.
ولهذا فإن نواب الحزب يريدون إبعاد أولمرت وإحلال موفاز بدلاً منه والذي يتخذ موقفاً معارضاً وصلباً تجاه التعجيل بإعلان الدولة الفلسطينية حتى وإن قلصت الأراضي الفلسطينية وبقيت المستوطنات والجدار..!!
jaser@al-jazirah.com.sa