إلى من منحاني من عنائهما الراحة والهناء.. وتفضلا علي دون من أو جزاء.. إلى والديّ العزيزين.. أبقاهما الله لي ذخرا، ورزقني بهما برا.. |
لحبكما بوجداني عروقُ |
وتاريخ مدى عمري عريقُ |
شربتُ الحب منذ صباي عذباً |
فلي منهُ صبوح أو غبوق |
ولما أرو منه! وكيف يروى |
بما يسقى من الماء الغريق؟ |
غريقُ القلبِ في أعماق حب |
وكم أضناني الحب العميقُ |
وكنتُ كنحلةٍ تغذى رحيقا |
وليس سوى حنانكما الرحيقُ |
دعوتُ الشعر يكتب ما سيملي |
على إيقاعه قلبي الخفوقُ |
ويعزف لي بموسيقاه لحناً |
لكل المفعمين هوى يروق |
فأوحى لي تباطؤه انهزاماً |
وقد يعيا القصيد فما يطيقُ |
وليس يلامُ حين نبا قصيدي |
فقد أربى هواي وغصَّ ريقُ |
إذا بلغ الهوى في النفس قدراً |
رأيتَ الشعرَ بالشكوى يضيقُ |
ضروبُ الحب عند الناس شتى |
تميزه لذي اللب الفروقُ |
فمنه شقوة دنيا وأخرى |
كما تهوى العشيقة والعشيقُ |
ومنه لذة يلتذ فيها |
فؤادُ الصب لا يغشاه ضيقُ |
وبين ذوي الهوى في القدر بون |
فقد يدنو المحب وقد يفوقُ |
ألا يا والدي، وحسبُ حبي |
سموق الطهر يا نعمَ السموق |
أحبكما، وليس الحب عاراً |
وقد أوصت بحبكما الحقوق |
سواي مكبل بالحب عبد |
ولكني به حر طليقُ |
أبوح به ولا أخشى ملاماً |
وهل يخشى من اللوم الصدوق؟ |
كفرت بعذل من عذلوا ولوعي |
بحبكما، وما أنا مستفيقُ |
فعذل العاذلين يزيد حبي |
كما يزداد بالزيت الحريقُ |
ألا يا والدي، وكم تروت |
بفيضكما الجوانحُ والعروقُ |
وكم أسقيتما قلبي زلالاً |
إلى أن أزهر الغصنُ الوريقُ |
وكم كابدتما سهر الليالي |
لأجلي حين أغفو أو أفيقُ |
وكم قد أبصرت عيناي نورا |
بنصحكما إذا اسود الطريقُ |
وسوف يظل يمنحني عطاء |
على الأيام عطفكما الرقيقُ |
ولست بمدع كرماً وبراً |
بهذا الشعر؛ فالدعوى عقوقُ |
ولست بمن يجازي بالقوافي |
فليست في مقامكما تليقُ |
فجازى الله سعيكما بدار |
تطيبُ بها الحياة ولا تضيقُ |
|