كانت الطرق المُعبَّدة في المملكة لا تتجاوز بضع عشرات الكيلو مترات لبلد مترامي الأطراف، وتنتشر مدنه وقراه وتجمعاته السكانية على مسافات متباعدة تصل إلى مئات الكيلو مترات. وأعدت وزارة النقل (وزارة المواصلات سابقاً) منذ إنشائها حتى الآن العديد من الدراسات الهندسية والفنية، ونتيجة لذلك وضعت الخطط الطموحة والمرنة لتنفيذها، وحاولت تجاوز المعوقات والصعوبات، ثم بدأت بتنفيذ شبكة من الطرق المُعبَّدة على مراحل عدة لربط المناطق الرئيسية بطرق قابلة للتوسعة مستقبلاً وتطويرها، وأصبحت الآن آلاف الكيلو مترات، بالإضافة إلى محاولة تطوير مستوى الخدمات ووسائل السلامة على الطرق.
ومع بداية الإجازات تهتم الهيئة العليا للسياحة بتشجيع السياحة الداخلية للمواطنين والمقيمين للخروج من بيئتهم الاعتيادية وقضاء إجازاتهم مع أهلهم للهروب من جو العمل والاستجمام. وتستخدم شريحة كبيرة من المجتمع الطرق البرية والطرق السريعة للتنقل بين مدن وقرى المملكة، مع احتمال تعرضهم للحوادث.
وتعتبر نسبة الحوادث في المملكة من بين الأعلى في العالم وأكثرها بسبب السرعة الفائقة وعدم الالتزام بأنظمة المرور، وكذلك كثير من الحوادث وقعت على الطرق بسبب عبور الجِمال السائبة التي تشكل محوراً رئيسياً في الحوادث المرورية على الطرق السريعة، وأصبحت خطراً على أرواح المسافرين وعلى السيارات، خاصة في الليل الذي تصعب الرؤية فيه.
لا توجد إحصاءات رسمية أو دراسات علمية بعدد الحوادث أو الوفيات من جراء الجِمال السائبة، ولكن بنظرة سريعة في أرشيف جرائدنا اليومية حيث تشير الأرقام المذهلة لتلك الحوادث التي سببتها الجِمال السائبة إلى إهدار الكثير من الأرواح والممتلكات.
ومن المعروف أنه يعطى للجِمال شعار يمكن التعرف على أصحابها، فعند وقوع الحادث - لا سمح الله - يلجأ بعض النفوس الضعيفة لملاكي الجمال إلى حرقها؛ وذلك لاستبعاد التهمة عنهم دون مخافة الله وهم يرون تلك الجِمال تفتك بأرواح الأبرياء.
وتقوم وزارة النقل باستمرار بإجراء العديد من الدراسات والأبحاث والاقتراحات، منها إلباس الجِمال أحزمة عاكسة للضوء، إلا أن مشكلة الجِمال السائبة لا تزال قائمة وتشكِّل خطراً دائماً يهدد حياة الكثير من مستخدمي الطرق التي يجب البحث لها عن وسائل علمية حديثة منها الأقمار الصناعية.
إنَّ توافر تقنية نظم تحديد الموقع على الأرض Global Positioning System-GPS لا بد من تسخيرها والاستفادة منها للحد من حوادث الجِمال السائبة. وقد بدأ استعمال هذا النظام في الأغراض العسكرية، وتم تطويره، وانتشر في العديد من المجالات؛ نظرًا إلى أهمية وظيفته ودقته البالغة. ويعتمد هذا النظام أساساً على الأقمار الصناعية التي تجول حول الأرض بصورة مستمرة على مدار الأربع والعشرين ساعة.
أما في المجالات الهندسية فيستخدم في التخطيط ورسم الخرائط الرقمية ومسح الأراضي، وفي تحديد واتجاه موقع معين على الأرض، وأمور أخرى.
وحيث إنَّ الجمال تجول بشكل عشوائي، وتعبر الطرق، فإن إمكانية متابعتها ورصدها عبر الأقمار الصناعية على مدار الأربع والعشرين ساعة يمكن تحقيقه، وذلك بوضع خطة لمشروع وطني يمكن من خلاله عمل دراسة شاملة تتبناها جهة مختصة كإدارة المرور بالمشاركة مع وزارة النقل بدعم من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، التي تتمثل في وضع رقاقة إلكترونية Chipفي أذن الجمل، تُعبَّأ فيها جميع المعلومات المطلوبة كاسم المالك ورقم بطاقته الوطنية وعنوانه ومعلومات أخرى.
ويحتاج المشروع إلى عمل تصميم مخططات تتضمن خطوط وهمية موازية للطرق التي تعتبر بمثابة الخطوط الحمراء، فعند تجاوز الجمال لها ترسل الرقاقة المثبتة في الجمل إشارات عن موقع الجِمال، فعندئذ يتم إبلاغ مراكز أمن الطرق المنتشرة على الطرق ليتمكنوا من أبعادها عن الطريق. ولا بد من تطوير النظام بعد الاستخدام ومعرفة السلبيات وإيجاد آلية لتطويره.
لا بد من المحافظة على سلامة المواطنين والمقيمين، واتخاذ وسائل سلامة أكثر دقة، وتكثيف توعية مُلاك الجِمال ثم النظر في إنزال أشد العقوبة المالية والنظامية بحق المستهترين بسلامة المجتمع.
المشرف العام على إدارة المدينة الجامعية بالدمام - جامعة الملك فيصل
mnjadid@yahoo.com