لم أكن متفائلاً حين تم تعيين الدكتور عبدالله الربيعة رئيساً تنفيذياً للشؤون الصحية بالحرس الوطني على اعتبار أنه طبيب محترف في مجاله الطبي.. فخشيت أن نفقده طبيباً ونخسره مديراً.. وكتبت حينها مقالاً حول ذلك في هذا العمود وفيه تساؤل مباشر عن مدى إمكانية نجاح الطبيب الماهر في إدارة مؤسسة صحية بهذا الحجم.. وقد أجابني الدكتور الربيعة إجابة مهذبة مؤكداً فيها بأن الإدارة الفعّالة الناجحة هي التي تجعل المؤسسة تسير وتنمو من خلال الأنظمة.. فالنظام هو المدير سواء حضر أم غاب الرئيس التنفيذي.. وموضحاً أن دور الرئيس التنفيذي يجب أن ينصب في تطوير المؤسسة التي يديرها لتلعب الدور المنتظر منها على أكمل وجه.
ومرت الشهور وبدأنا نسمع عن مقارنة هي بين الغرض وقلة الإنصاف تُعْقَد بين الدكتور عبدالله الربيعة والدكتور فهد العبدالجبار حيث ظهرت رغبة الكثيرين في أن تكون السياسة الإدارية التي ينتهجها الدكتور الربيعة مطابقة لسياسة الدكتور فهد العبدالجبار في إدارته.. وهو أمر لا يمكن بحال من الأحوال فلكل شيخ طريقته ولا مجال للتماثل في المعطيات ولا في الظروف.. مع التقدير الكامل لأسلوب الدكتور العبدالجبار الذي لا ينكر أحد دوره في تطوير مستشفى الملك فيصل التخصصي ومن ثم الشؤون الصحية بالحرس الوطني.. ولاشك أن تلك المقارنة جعلتني أكثر قلقاً خصوصاً وأنها تقلل من أسلوب الدكتور الربيعة الإداري رغم أنني من الذين يؤمنون بأن العبرة بالنتائج.
والناظر اليوم إلى قطاع الشؤون الصحية بالحرس الوطني سوف يجد أنها ارتقت أفقياً وعمودياً بشكل كبير لدرجة أننا يمكن أن نطلق عليها منظومة الشؤون الصحية بالحرس الوطني.. فعلاوة على أنها تجاوزت النطاق المحلي إلى الدولي من خلال فصل التوائم السيامية فهي تشتمل على أربعة قطاعات مهمة ومتكاملة وهي قطاع الخدمات الصحية.. وقطاع الخدمات التعليمية (الجامعة).. وقطاع الأبحاث العلمية.. وقطاع صناعة الأمصال.. وكلها تشهد نهضة كبيرة.. من ذلك أنه تم رفع الطاقة السريرية لمدينة الملك عبدالعزيز الطبية إلى أكثر من ألف سرير لمواجهة الضغط المتزايد على الخدمات الصحية المتميزة التي تقدمها الشؤون الصحية لمنسوبيها وللحالات الصعبة والطارئة لكافة مواطني المملكة.. وتكاد تكون هي الوحيدة من بين القطاعات الصحية التي لا تتبع وزارة الصحة والتي تستقبل كافة الحالات المرضية الصعبة والطارئة.
النتيجة الظاهرة أن الدكتور الربيعة نجح كقيادي في تطوير الشؤون الصحية لتصبح جديرة بأن نطلق عليها منظومة الشؤون الصحية.. وأثبت أن القائد الناجح هو من يفوض الآخرين للإدارة ليتفرغ للتطوير وهو ما كان.. وعليه فإن الدكتور الربيعة يستحق لقب «الفارس» الذي امتطى صهوة الجواد الأصيل ليدفع به إلى خدمة المجتمع بأعلى كفاءة إنتاجية ممكنة.. وأثبت أن الطبيب الناجح يمكن أن يكون إدارياً ناجحاً في نفس الوقت.. خاصة وهو الأكثر دراية بمتطلبات نجاح الأطباء لخدمة مرضاهم.