ولأنه الفيصل.. الشاهد والشهيد، فيصل بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، الملك الثالث في الدولة السعودية الثالثة، فإن الكلام يجب أن يكون بمستوى (القمة التاريخية والسياسية والقيادية) فالفيصل ليس ككل الملوك.. وليس ككل القادة بل صانع مرحلة تاريخية في سفر الأمة العربية والإسلامية، فهل يمثل مفصلاً من مفاصل مسيرة المسلمين والعرب في التاريخ.
والندوة العلمية عن تاريخ الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز التي تنظمها دارة الملك عبدالعزيز، التي سيفتتح أولى جلساتها الأمير سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، تعد مناسبة علمية وتظاهرة فكرية وثقافية تسد حاجة ملحة لنا جميعاً كمواطنين لنعرف تاريخ قادتنا، وكعرب لنعرف إسهامات وجهود هؤلاء القادة والخفايا التي غطى عليها ضجيج الخلافات العربية وغوغائية الإعلام المُسيَّر في بعض الأنظمة التي أوصلت الأمة إلى ما هي عليه الآن.
وكمسلمين لنعلم جهاد هؤلاء الأفذاذ الذي يعد الفيصل واحداً من أبرزهم، الذي استشهد من أجل القضية الإسلامية الأولى في عصرنا الحاضر.
ولدارة الملك عبدالعزيز المبادرة والسبق في تدوين وتقديم السيرة الحقيقية والعلمية لهؤلاء القادة من خلال دراسات علمية موثقة (محايدة) وصادقة لا تتأثر بموقع ومكانة الرجل، بل تقدم أبحاثها ودراساتها خدمةً للحقيقة وللعلم وللتاريخ.
ونحن أبناء هذا الجيل الذي عشنا عهد الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز قد نعلم أشياء كثيرة، وغابت عنا أشياء مثلها، فيأتي علماء وباحثون ومدونون معروف عنهم الصدق والدقة للكشف عن أسرار وسيرة هذا القائد الفذ من خلال تقديم إنجازاته في مختلف المجالات, ويسرد بعضهم ذكرياته مع الملك الراحل التي تختزن مضامين لم نعرفها، ومثلما كشفت الندوة الأولى التي نظمتها دارة الملك عبدالعزيز، عن الملك الراحل الملك سعود بن عبدالعزيز الملك الثاني في الدولة السعودية الثالثة، التي سلَّطت الضوء وكشفت الشيء الكثير من سيرة الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - التي كانت غير معروفة لنا هذا الجيل، التي حتماً ستكون ذخيرةً ونبراساً للأجيال القادمة، حيث كان تاريخ الملك سعود بن عبدالعزيز مبهماً ومشوشاً لدينا نحن الجيل الحالي، فجاءت الندوة التي عقدت العام الماضي لتوضح الكثير من الحقائق وتأسس لوضع تاريخ علمي ومنصف لهؤلاء الرجال الذين شاركوا والدهم الفذ الملك القائد والمؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
ومثلما حققت الندوة الأولى، فإن الندوة الثانية التي تختص بسيرة وحياة الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - ستضيف وستكشف العديد من الأحداث والمواقف والعبر التي كم نحن بحاجة إليها في هذه المرحلة الأشد قسوة من مراحل مسيرة الأمة العربية والإسلامية، ولا سيما أن العلماء والباحثين وممن عايشوا وعاصروا الملك فيصل بن عبدالعزيز وعملوا معه عن قريب، سيقدموا لنا 34 بحثاً تتناول مواضيع عدة تشمل عشرة محاور، تضعنا في أجواء وفهم لفكر قائد جند نفسه لخدمة دينه وذهب ضحية إخلاصه لقضية المسلمين الأولى قضية القدس، التي ستكون القضية الحاضرة التي يحاول أن يغيبها البعض.
jaser@al-jazirah.com.sa