موسكو - سعيد طانيوس
يتولى الرئيس الروسي المنتخب دميتري ميدفيديف مقاليد السلطة في روسيا اليوم الأربعاء، في حين لا يزال غالبية الروس يعتبرون فلاديمير بوتين الذي سيتولى رئاسة الحكومة الزعيم الحقيقي للبلاد. ولهذا فإن الكثيرين يتحسبون لوقوع صراع خفي على السلطة داخل أروقة الكرملين، لأن روسيا التي تملك تاريخا قيصريا عريقا، لا يمكن أن تسلم زمام قيادتها لقيصرين في آن واحد, ولا تحتمل حكما برأسين ولا ازدواجية معقدة في قمة هرم السلطة على الأقل في ظل نظامها الرئاسي الراهن الذي يولي رئيس البلاد صلاحيات قيصرية هائلة وشبه مطلقة، ولا يترك لرئيس الحكومة هامشا كبيرا من الحرية في ممارسة صلاحياته، إذ إنه مجبر على الالتزام بتوجيهات الرئاسة وديوانها الذي يشكل سلطة ثانية تفوق سلطتها سلطة رئيس الوزراء!
وربما لهذا السبب أعلن الرئيس بوتين في آخر اجتماع له مع أعضاء الحكومة الاثنين الماضي, أن التعاون بين ديوان الرئاسة وجهاز الحكومة سيزداد قوة. وقال (إن هذا التعاون سيستمر ويزداد قوة في المستقبل).
فبوتين الذي سيصبح رئيسا للحكومة بعد أن يترك منصبه كرئيس للدولة اليوم هو في نفس الوقت رئيسا لحزب السلطة الرئيسي (روسيا الموحدة) الذي يملك أغلبية دستورية في مجلس النواب (الدوما)، لذا لا يستطيع أي سياسي أو خبير روسي أن يقدر كيف سيتقاسم بوتين السلطة مع ميدفيديف الآتي من حاشيته وبدعم مباشر منه دون أن تكون له أي حيثية شعبية فعلية على الأرض, ولهذا تثور العديد من الأسئلة حول احتمال تغيير أو تعديل الدستور الروسي مجددا، على الرغم من رفض بوتين بشدة لهذا الأمر حتى حين كان من الممكن حصوله على ولاية رئاسية ثالثة بموجبه.
واعتبروا في الغرب أن بوتين أقدم على خطوة إيجابية حين رفض الترشح لفترة رئاسة ثالثة.
غير أن المراقبين يرون اليوم أن ما يضعه بوتين في يده من سلطات تفوق ما يملكه الرئيس المنتخب الجديد.
إن بوتين يقدم على خطوة ديموقراطية هامة في الشكل حين يغادر قصر الكرملين ظاهريا بمحض إرادته ويرضى بتداول السلطة، لكن الأكثر أهمية هو أن يرحل بوتين فعليا من الكرملين، وأن لا يترك ظلّه هناك ليتحكم بكل كبيرة وصغيرة في هذا القصر العريق الشاسع الأرجاء.
