سمعنا كثيرا من يقول إن (هؤلاء الكتاب) هم أحد الأسباب التي تحرض الشباب المتحمس على الإرهاب. المعروف أن محاربة الإرهاب تستوجب محاربة أسبابه. وطالما أن هؤلاء الكتاب أحد الأسباب فمن غير المعقول تركهم يكتبون. من يقول بهذا الرأي ويروج له لا يتذكر أن الإرهاب بدأ قبل أن ينال هؤلاء الكتاب فرصتهم لنقد التيارات الفكرية التي صنعت الإرهاب وما زالت تصنعه ولا يتذكر أن الإرهاب تراجع بفعل الضربات الموجعة التي أنزلها به رجال الأمن في الميدان والضربات الفكرية الموجعة التي أنزلها به المفكرون والكتاب لا يتذكرون أن إتاحة الفرصة لهؤلاء الكتاب للمشاركة في تشكيل الرأي العام قلص عدد المفكرين الإرهابيين وتخفى أو هادن الصف الثاني من دعاة الفكر المتطرف واعترف دعاة الصف الثالث أن هناك مشكلة في الفكر الصحوي وبدأ يعيد تصميم وتركيب مواعظه. ظهرت هذه الأيام عبارة أخرى أقل اتهامية من السابقة ولكنها فضفاضة أكثر ويمكن أن يدخل تحتها كل شيء صرنا نسمع من يقول إن (هؤلاء الكتاب) يستفزون القراء بطرحهم الحاد. خفضوا حرارة اتهام الكتاب ولكنهم وسعوا مداه. استوقفني السؤال الذي طرح على الأستاذ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ حول مسألة الاستفزاز في حوار أجرته معه جريدة الحياة بتاريخ 29-4-2008 على اعتبار أن ما يكتبه الأستاذ محمد فيه ما يستفز الناس. لم يأت من يختبر الأفكار والآراء التي يطرحها الأستاذ محمد وزملاؤه في نفس التيار. كل ما في الأمر مجموعة من الاتهامات الغامضة. لا يريدون أن يقروا أن ما يطرحه هؤلاء الكتاب ليس سوى رأي آخر لم تسمح لهم حياة الصحوة بفرصة الإنصات له. الاعتياد على سماع رأي واحد والإذعان الفكري له صار يعني شرعنة هذا الرأي ونفي الرأي الآخر.. إذا كنت لم توطن نفسك على سماع الرأي الآخر لا يعني هذا أنه يتوجب على الآخر الامتناع عن التعبير عن رأيه مراعاة لمشاعرك. الرأي الآخر يأتي من ناس لهم نفس الحقوق التي تتمتع بها. إذا كان اللون الأحمر يستفزك ليس لك حق المطالبة بشطب هذا اللون من قائمة الألوان على مستوى الأمة. تستطيع أن تستبعد هذا اللون من حياتك الشخصية ومحيط مسؤوليتك. قراءة الصحف أو الاستماع للرأي الآخر فعل اختياري. الغريب أو الذكاء أن هذا الرأي يطرح بعلة دينية. في كل مرة يشتكون من الاستفزاز يبررون رأيهم بأن هذه الآراء الاستفزازية!! تطرح من جريدة معظم قرائها من المتدينين. إيحاء مبطن بأن ما يكتبه هؤلاء الكتاب يتعارض مع الدين أو يدعو إلى غير مصلحة الإسلام والمسلمين. لم يسع أي منهم إلى دراسة الأفكار التي تطرح ولم يسأل أي منهم مصادر هؤلاء وأهدافهم. اعتمدوا على آلة الضجيج المتواصل والاتهامات والتحريض. لا شك أن هناك من يحس بشيء من الاستفزاز ولكن هذا الإحساس لا يعود إلى طبيعة الرأي الجديد وإنما يعود إلى الانغلاق الفكري الذي تربى عليه هؤلاء. من يريد أن يتخلص من الاستفزاز عليه أن يتخلص من الانغلاق ويبدأ حياة جديدة رحبة تتفق مع روح العصر القائم على التعددية.
فاكس 4702164
Yara.bakeet@gmail.com