تعتبر الواسطة الشغل الشاغل والداء العضال الذي فتك بحقوق الناس في جميع أنحاء العالم ولم يتمكن أحد من القضاء عليها تماماً على الرغم من المحاولات الجادة التي يبذلها بعض المسؤولين المخلصين لكنهم يواجهون عوائق متعددة فيفتر همهم ويفت من عضدهم انتشارها الكبير، والواسطة نوعان محمود بعضها ومذموم أكثرها أما المحمود منها فهو ما ينطبق عليها توجيه سيد الخلق ومعلمهم محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: (اشفعوا تؤجروا..) -أو كما قال صلى الله عليه وسلم- بحيث لا يكون فيها مظلمة أو اعتداء أو غبن لحق أحد، وهذا من وجوه الخير ودلالة تماسك وتكافل المجتمع المسلم فالشفاعة أمرها خير ومردودها عالي القيمة للفرد والمجتمع.
أما النوع الثاني وهو المتفشي للأسف فهو الواسطة المذمومة والتي يكون فيها اعتداء ومظلمة على حق الغير بحيث ينتزع الحق من أصحابه ويعطى لآخر قريب أو صديق أو صاحب مصلحة وفي هذا تجاوز كبير لعدالة الدين وإنصافه والمسؤولية الوطنية التي منحها ولي الأمر للمسؤول كي يعدل بين الناس ويعطي كل ذي حق حقه وقد أطلق على الواسطة لقب (فيتامين واو) وذلك لسرعة وقوة تأثيرها.. وهو للأسف تأثير سلبي يوجد البغضاء والفرقة بين أبناء المجتمع ويقهر أصحاب الحق من الضعفاء والعامة والذين لا واسطة لهم.
وقد تفشت هذه الظاهرة ونال مجتمعنا ما ناله منها وأصبح المواطن يفتش يميناً ويساراً عن معارف أو جيران أو أقارب أو أبناء عمومة في أغلب الدوائر الحكومية كي يجد من يقويه بفيتامين (واو) كي ينجز معاملاته أو يقضي حاجاته أو ينال حقوقه، حتى لو كانت في أبسط الأمور وأيسرها.
ومما يعرف ويذكر ويسر نشره ليكون قدوة يحتذى هو ما يحدث في تعليم البنات حيث نجح سمو نائب الوزير لتعليم البنات الأمير الدكتور خالد بن عبدالله بن مقرن المشاري آل سعود في القضاء على ما يسمى بالواسطة وجعل من تطبيق النظام بديلاً ناجحاً في تيسير حاجات الناس ونيلهم لحقوقهم دون الحاجة إلى الواسطة التي حل مكانها العدل بين الناس والمساواة بين الجميع، قد يكون في بعض إدارات التربية والتعليم في المناطق والمحافظات محسوبيات في حدود صلاحيتهم وهي قليلة جداً.
لكن همة الأمير -حفظه الله- تمتد لإنصاف أي حالة تصله أو يعرف عنها.
وهو بذلك ولا شك أنموذج متميز نتمنى أن يتخذه بقية المسؤولين قدوة تحتذى في نشره للعدل وقضائه على الواسطة وفقه الله وشد من أزره في ظل ولاة أمرنا أدامهم الله على طاعته عزاً لهذا الوطن وأمدهم بالصحة والعافية وطول العمر.