الحياة تسير .. والمقصود بالحياة الحياة الدنيا، هذا أمرٌ يتفق عليه كثير من الناس، وإنْ اختلفوا في كيف تسير الحياة .. فمنهم من يرى أنّ الأمور تسير دائماً صعوداً إلى الأمام لا نزولاً إلى الوراء ويسند قوله على أنّ كل شيء يبدأ صغيراً ثم يكبر.
لا يحدث العكس، فالإنسان والشجر وكل الموجودات من صغر إلى كبر تكون ... وآخرون يرون أنّ الحياة تسير بشكل دائري لا صعوداً إلى الأمام، ويستندون على أن الأشياء تبدأ بدورتها من بداية تسير منها إلى مراحل متعددة لتعود ثانية لما بدأت عليه، ومنهم من يرى أنّ الحياة تتراوح في سيرها، فهي في بعض جوانبها تسير دائماً إلى الأمام لا تتوقّف، بينما في جوانب أخرى تسير للخلف، ويسندون رأيهم على أنّ الموجودات أعطيت عمراً وزمناً يتناقص مع مرور الوقت ..
قد يكون هذا كله صحيحاً .. وقد يكون أيضاً أنّ الحياة لا تسير أبداً، فهي ثابتة لا تتغيّر ولا تتبدّل، إنّما الذي يسير ويتغيّر هو الموجودات فيها .. فالحياة الدنيا كالوعاء، حيِّز كبير جامد قدِّر له أن يحتوي ما يأتي إليه، وأنّ كل شيء يأتي للحياة الدنيا يمر بها ليقضي زمنه المقدّر له أو حياته الخاصة به، ويعيش محطاته كما كُتب لها ثم يمضي لشأنه، وتبقى الحياة كما هي لا تتغيّر في شيء، تملأ بموجودات سرعان ما تذهب ليأتي غيرها .. وهكذا دواليك حتى يأذن الله لها أن تتغيّر .. والله المستعان.
naderalkalbani@hotmail.com