إن تغير المناخ هو أحد التحديات الكبرى في زماننا. فمن شأنه أن يحدث تأثيراً ضاراً وشديداً على المحددات الأساسية والرئيسية للصحة، وهي الماء والهواء والغذاء. ولكي نتصدى لهذه التحديات، فإننا نحتاج إلى أبطال وقادة في كل بقاع العالم، يبذلون جهدهم من أجل وضع قضية حماية صحة الإنسان في صميم جدول أعمال تغير المناخ.
ويعد يوم الصحة العالمي، الذي يُحْتَفَلُ به في السابع من نيسان - أبريل في كل عام، فرصة فريدة لاسترعاء الاهتمام العالمي بموضوع بالغ الأهمية للصحة في العالم. وفي هذا العام، يركز يوم الصحة العالمي على الحاجة إلى حفظ الصحة من التأثيرات الضارة لتغير المناخ. ويأتي موضوع يوم الصحة العالمي لهذا العام، وهو (حماية الصحة من تغير المناخ) متوافقاً أيضاً مع العيد الستيني لإنشاء منظمة الصحة العالمية.
ولا يغيب عنا ماذا يعني المناخ المتغير والمتقلب بالنسبة للصحة. فموجات الحر الشديدة، والعواصف، والفيضانات، والجفاف، كل ذلك يقتل عشرات الآلاف في كل عام. ففي عقد التسعينات من القرن الماضي، حدثت نحو ستمائة ألف وفاة في العالم من جراء الكوارث الطبيعية ذات الصلة بالأحوال الجوية، ووقعت قرابة خمسة وتسعين بالمائة منها في البلدان الفقيرة. كما أن الأمراض الحساسة للمناخ، مثل الإسهال والملاريا وسوء التغذية بالبروتين والطاقة، تحصد بالفعل أرواح أكثر من ثلاثة ملايين شخص في العالم. وحتى هذه الأرقام لا تُعبِّر عن الآثار الصحية غير المباشرة المدمرة، التي يتوقع أن يلحقها التغير المناخي بالمحاصيل الغذائية وبالمياه العذبة المتاحة في مناطق شاسعة من العالم. فكل السكان معرضون لذلك، ولكن الفقراء هم أول المتأثرين وأشد المتضررين. إن تغير المناخ يهدد بتقويض التقدم الذي أحرزناه في مكافحة الأمراض الناجمة عن الفقر، كما يهدد بتوسيع الفجوة في الحصائل الصحية بين الأغنياء والفقراء. ولا شك أن ذلك أمر مجحف، وغير مقبول.
ومن المؤسف أن نتائج تقرير التقييم الرابع، الذي أعده الفريق المشترك بين الحكومات المعني بتغير المناخ، تشير إلى أن إقليم شرق المتوسط سيكون أحد أشد المتضررين، فتغير المناخ سوف يفاقم مشكلة ندرة المياه الراهنة إلى مستويات غير مسبوقة، تمثل تهديداً خطيراً للأمن المائي للسكان وللإنتاج الغذائي.
د. عوض أبو زيد
ممثل مكتب منظمة الصحة العالمية بالمملكة العربية السعودية