بالأمس القريب أعلنت مكتبة الملك عبدالعزيز عن جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للترجمة واحتفلت بالفائزين وهي بهذا تؤصل لعمل ريادي، وتؤكد مبدأ حضارياً دعا إليه الإسلام يقوم على التواصل الفكري والحضاري مع شعوب الأرض قاطبة وينطلق من مفهوم رسالة التبليغ التي كانت شعار نبي الرحمة وخير البشرية عليه أفضل الصلاة والسلام إذ لا تبليغ بدون حوار ولا حوار بدون فهم لغة الآخر وطريقة تفكيره.
وفي هذا الإطار كانت الجائزة بأهدافها السامية وغاياتها النبيلة تؤكد هذه الحقيقة وتؤصل لها.
والمهمة شاقة لا ريب في ذلك ولكنها أمام العزيمة والإصرار تتحول إلى عمل خلاق مبدع يفتح أمام أبناء الأمم بوابات الاتصال بثقافة الآخر في عملية تبادل ثقافي حضاري مبني على أسس ومنطلقات علمية مدروسة فلطالما انبهر العالم أمام حضارة الأمة العربية الإسلامية منذ قرون ولطالما استفاد وأفاد وطور وابتكر في إطار التبادل الثقافي والحضاري.
وانطلاقاً من أهمية الرسالة التي تحملها الجائزة والغايات النبيلة التي تسعى إلى تحقيقها، وحيث لا زالت في بداية الطريق فلم لا تكون الجائزة ضمن مركز قائم بذاته يحمل اسم الملك الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز، يؤدي الرسالة ويقوم بأعباء المهمة الجسيمة وتتاح له من الإمكانات المادية والبشرية ما يؤهله لدخول عوالم الترجمة مما يسهم في فهم القضية الإنسانية فكراً وثقافة وإبداعاً في زمن القرية الكونية الواحدة والعولمة التي لم تعد تعترف بالحدود الجغرافية حداً للثقافة أو الفكر. إن الترجمة من العربية وإليها ضرورة حتمية في جميع العصور وخصوصاً في عصرنا هذا فلا مجال للتطور واستنبات المعرفة وولوج عالم الإبداع والإنتاج النوعي وبناء الإنسان الخلاق إلا بالاطلاع على علوم الآخرين وحضارتهم والاستفادة منها، وإن مركزاً كهذا حري أن يفتح طريقاً انتظرناه طويلاً في جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية حتى ننقل علوم الآخرين إلى لغتنا الخالدة والعكس صحيح.
والله من وراء القصد،،،،