نُشرت دراسة حديثة عن المديرين في الولايات المتحدة، وتناقلتها وسائل الإعلام المختلفة هذا الأسبوع، ومفادها أنّ المدير السيئ يتسبّب في الأزمات القلبية لموظّفيه. ولا شك أنّ المدير السيئ له صفات وخصائص كثيرة، منها أنّه متسلِّط ومركزي ولا يشرك موظّفيه في عملية اتخاذ القرارات ولا يستشيرهم ولا يقدِّر ظروفهم ولا يشكرهم على أدائهم المتميِّز، ويتعامل معهم بقسوة، إلى غير ذلك من الصفات التي لا تختلف كثيراً عمّا سبق ذكره.
ولو رجعنا إلى الدراسات السابقة في هذا المجال، لوجدنا أنّ تلك الدراسات قد أشارت إلى أنّ ضغوط العمل تتسبّب في مشكلات صحية كثيرة، يأتي في مقدمتها: السكتة القلبية والجلطة وتصلُّب الشرايين والقرحة والتهابات القولون وغيرها.
لذا نستطيع أن نستنتج أنّ أساليب المديرين في العمل تأتي من أهم مسبّبات الضغوط لدى الموظفين. كما نستطيع أن نستنتج أيضاً أنّ هذه الدراسة لم تأت بجديد إلاّ أنّها حددّت مصدر الضغط المسبِّب للأزمة القلبية وهو المدير السيئ.
وفي استطلاع أُجري على بعض المتدربين في إحدى الدورات التي تتعلّق بالتعامل مع المديرين، حيث طلب منهم وصف مديريهم بكلمة واحدة، فكانت أغلب إجاباتهم تصف المدير بأنّه: ظالم أو متسلّط أو مراوغ. علماً بأنّ بعض الإجابات في هذا الاستطلاع ذكرت بأنّ مديريهم مثاليون أو واقعيون. ولو حاولنا تحليل هذا الموقف لوجدنا أنّه قد يكون صحيحاً، وقد يكون ناتجاً عن اختلاف الأهداف والغايات بين الموظفين والمديرين. فالمدير يهمه بالدرجة الأولى أن يحقق الأهداف المرسومة للإدارة عن طريق الالتزام بالدوام الرسمي والإنتاجية العالية والأداء المتقن، وقد لا تكون هذه الأشياء من أولويات جميع الموظفين.
ولقد كتب كثير من الكتّاب والباحثين عن أساليب المديرين في التعامل مع موظفيهم من خلال دراسات أو بحوث أو تجارب شخصية، فكانت أغلب نتائج تلك الدراسات سلبية. وفي هذا السياق سطّر كرس مالبرج في كتابه الشهير (كيف تتخلّص من مديرك) كلاماً جميلاً حول الموضوع، نقتبس منه ما يلي: (لقد واجه معظمنا العذاب من جراء التجارب المريرة التي تلقّيناها على أيدي مديرين يعصفون بمستقبلنا الوظيفي، ثم يلوذون بالفرار ، مثل الأشخاص الذين يدمِّرون كل شيء أمامهم ثم يهربون).
ولا شك أنّ هذه الدراسات نابعة من بلد متطوّر في كل شيء بما في ذلك علم الإدارة، حيث يوضع المدير في المكان المناسب حسب قدراته ومهاراته. كما أنّه يخضع لرقابة محكمة من قِبل المؤسسة التي يعمل بها .. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: ما هو رأي موظفينا عن مديريهم الأعزاء .. وهل يخشى عليهم من الإصابة بتلك الأمراض أم لا؟. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.