Al Jazirah NewsPaper Friday  02/05/2008 G Issue 13000
الجمعة 26 ربيع الثاني 1429   العدد  13000
حولها ندندن
عواطف على رف منسي
د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

بعض الناس يعرف فن اصطياد الطرف الآخر، لكنه لا يعرف فن الحفاظ عليه، فهو حقاً يستطيع اصطياده لكن (بشبكة مخرومة)، لأنه فقط يريده على رف علاقاته الإنسانية، يتناوله بتكاسل وتباطؤ متى شاء نافضاً عنه غبار النسيان أو التناسي، فإذا أقبل عليه الطرف الآخر بكل ود وصفاء وتجاوب، انتكص على عقبيه، عائداً إلى نقطة الصفر بدرجة لافتة.

وليته مع ذلك يثبت عند هذه المرحلة المحزنة التي قد تدل على اضطراب في السلوكيات النفسية، إنما هو يتجاوز تلك المرحلة إلى مرحلة أسوأ وهي مرحلة التملك، فهو لا يريد أن يتفلت منه الطرف الآخر، بل يرغب أن يفرض عليه البقاء مملوكاً له مدى الحياة على رف منسي يعلوه غبار الإهمال والاستهانة.

ومع ذلك فالويل له إن رفض هذا الموقف واعترض عليه، لأن هذا المالك الواهم سيعود إليه مرة أخرى متسائلاً عن سر ابتعاده؟ متعجباً من تغيره! فالمفترض أن يتقبله رغم هروبه وتشاغله وصدوده، يخلعه متى يشاء، ويرتديه متى شاء وكيف شاء عند اللزوم.

والأمثلة الاجتماعية والعاطفية والنفسية على العلاقات التي على الرف، كثيرة ومتنوعة، كأن يلح البعض على الآخرين أن يقوموا بزيارتهم أو يؤدوا لهم مشاركة مناسبات سعيدة، فإذا ما قام المدعو بتلبية الدعوة متوهماً أنها دليل حب واهتمام، وأنه سيجد أجواء ود، واحتواء أنس، فإذا به يفاجأ بالتجاهل التام والرسمية المفتعلة والأجواء الكئيبة، وكأنما برمجوا أنفسهم على الاحتراس غير المبرمج برمجة ذكية إيمانية.

فلماذا إذن الإصرار على علاقات مهينة وروابط سلبية توغر الصدور وتقتل العواطف وتساهم في فتنة المشاعر، والمزيد من القطيعة؟!

لست أعني التدثر بدثار الحساسية المرضية، أو الشكوك والهواجس المبنية على الظن، والظن لا يغني من الحق شيئا، فالإسلام قد طالب المسلم أن يلتمس لأخيه عذراً بل سبعين عذراً، لأن الإنسان لا يعلم الغيب ولا يفقه دخائل النفوس البشرية.

ولا أعني تضخيم الذات وتورم الأنا، أو عدم تقدير ظروف الآخرين النفسية والحياتية، إنما أدعو إلى الخروج من عالم التشنج، واختراق غلاف الصنمية والجمود العاطفي، وأهمية إعطاء الآخرين حقهم من الود والاحترام والاحتفاء المعقول طالما أنت تريد بقاءهم في حياتك.

وإلا فلا يوجد أي داع لعلاقة تهدم ولا تبني، وتتعس ولا تسعد، وتفرق ولا تجمع، وتأخذ ولا تعطي، والمبنية على الأنانية المغرقة.



g.al.alshaikh12@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 9701 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد