السخرية وما أدراك ما السخرية إنها أسلوب يهدف أولاً وأخيراً للتجريح بأشخاص لعينهم ولذواتهم ولطالما تسلط بها خصوم الرسل والأنبياء على الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وامتد ذلك التسلط إلى قيام الساعة فتسلطوا على كل من اتبع الحق.
وفي كل زمن تتغير أدوات السخرية ومستلزماتها ولكن دون تغير الهدف فأول ساخر على وجه الأرض بالرسل والأنبياء وأتباعهم لا يختلف هدفه البتة عن هدف آخر من سيسخر قبل لحظات من قيام الساعة بأتباع الحق وهم أتباع خاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم!!
والسخرية بالرسل وأتباعهم لا ريب أنها جريمة نكراء وفعلة شنعاء والساخر من غيّه وطغيانه يرى الإيمان ضلالاً ويتفكه بالمؤمنين وفي زمننا هذا إما بإطلاق النكات - أي الطرف- أو برسم كاريكاتوري أو بمقال ساخر بل ومغرق في السخرية أو بلسانه في المجلس أو ببنانه عبر المنتديات أو بحركاته السمجة بين صحبته وربما على خشبة المسرح أو عبر الشاشات التلفازية الفضائية منها وغير الفضائية إمعاناً منه في السخرية وإشهاداً منه على نفسه لكل من يراه بأنه ساخر بأهل الإيمان!!
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ* وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ* وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ* وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ* وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ* فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ*عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ* هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ؟}، كان كبار مشركي مكة تبعاً لمن سبقهم وقدوة لمن لحق بهم ومن سيلحق بهم إلى يوم القيامة كانوا بزعامة كبيرهم أبو جهل يضحكون من أهل الإيمان عمار وصهيب وبلال وغيرهم من فقراء المؤمنين، وفي التفسير الميسر: (إن الذين أجرموا كانوا في الدنيا يستهزؤون بالمؤمنين، وإذا مروا بهم يتغامزون سخرية بهم وإذا رجع الذين أجرموا إلى أهلهم وذويهم يفكهوا معهم بالسخرية من المؤمنين وإذا رأى هؤلاء الكفار أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قد اتبعوا الهدى قالوا: إن هؤلاء لتائهون في اتباعهم محمداً صلى الله عليه وسلم وما بعث هؤلاء المجرمون رقباء على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فيوم القيامة يسخر الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه من الكفار، كما سخر الكافرون منهم في الدنيا) الساخرون بالمؤمنين لا ريب أنهم عصاة وهم كغيرهم من العصاة لم يعصوا الله إلا بنعمه فلو كان على سبيل المثال أحدهم أبكماً لما سخر بالمؤمنين بلسانه، ولو كان أحدهم مشلولاً لما سخر بالمؤمنين بحركاته، لو كان أحدهم قبل ذلك وبعده فاقداً لنعمة العقل لما سخر بالمؤمنين ولا بغيرهم البتة، وقس على ذلك.
كما أنهم لا ريب خاسرون لا محالة فالعبرة من يضحك أخيراً فأهل الإيمان هم الذين يضحكون أخيراً وذلك بنص الآية الكريمة لذا السخرية بأهل الإيمان داء خطير على سلامة أي مجتمع في الدنيا والآخرة إذا لم يقاوم ذلك الداء ولم ينكره لأنه مخالفة صريحة لأمر الله وجالب لسخطه جل وعلا، مستوجب لعذابه، ونذير شؤم وموت للقلب وميلاد للغفلة والحسرة والندامة في يوم فيه حساب ولا عمل حينها ولات ساعة مندم {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (56) سورة الزمر.
ajardan@maktoob.com