Al Jazirah NewsPaper Friday  02/05/2008 G Issue 13000
الجمعة 26 ربيع الثاني 1429   العدد  13000
أم الكوارث ومثلث النجاة !!
سهم بن ضاوي الدعجاني

(32.954.333) و(8.067.727.860)

و (32.437)،

هذه الأرقام الفلكية ليست أوزان أدوية دخلت بلادنا، وليست كميات ألعاب تم استيرادها لإدخال السرور على أطفالنا وليست - أيضاً - أقراصاً ممغنطة تحمل مواداً تعليمية لأبنائنا وبناتنا، إنها للأسف أوزان بعض (المخدرات) التي ضبطتها المديرية العامة لمكافحة المخدرات خلال العام المنصرم 1428هـ...

... فالرقم الأول أعداد حبوب الكبتاجون المضبوطة والرقم الثاني وزن (الحشيش) الذي لم يصل - بفضل الله - إلى (عقول) شبابنا، بل ضبطته أجهزة ورجال المكافحة، والرقم الأخير هو وزن (الهيروين) الذي حمى الله أبناءنا وبناتنا منه، بفضل رجال المكافحة.

بعد هذه الأرقام الفلكية، تذكرت وصف الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، لقضية (المخدرات) في بلادنا بأنها (كارثة)، نعم، إنها كارثة بل هي أم الكوارث، لا أريد أن أسال السؤال التقليدي كيف وصلت تلك الكميات الكبيرة جداً إلينا؟ ولا أريد أن أسأل: لماذا نحن دون غيرنا من البلدان؟ ولماذا الشباب السعودي بالذات؟ لا أريد أن أسأل تلك الأسئلة الساذجة، لأننا أصبحنا على وعي تام بما يدار ويدبر لشباب هذا البلد، ولكن السؤال الأمل: ماذا عسانا نفعل نحن أفراد هذا المجتمع، لنقف في وجه الكارثة؟ والإجابة - طبعاً - تأتي باحترافية التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة والمتاحة لفئة الشباب لإنتاج برامج توعوية من قبل مؤسسات المجتمع المدني للتحذير من تلك (الكارثة) ولرسم (المخرج) منها، خاصة وأن البرامج التوعوية في هذا المجال شبه متوقفة وأنا هنا لا أطالب بعودة تلك البرامج التقليدية التي تمارس (التحذير) و(التهويل) بأسلوب تجاوزه الشباب، بل لابد من تشكيل لجان متخصصة، لتصل إلى المستوى الاحترافي الإعلامي في هذا المجال.

(الأسرة) و(المدرسة) و(الإعلام) هذه - في نظري - هي أضلاع مثلث النجاة لشبابنا من كارثة المخدرات، فمتى ما استقرت (الأسرة) وزاد وقت (ولي الأمر) مع أبنائه وبناته بعيداً عن الوجود الجسدي المستمر للأب أو الأم في المنزل وحظي أبناؤنا بالتقدير والقبول داخل الأسرة، ومتى ما وجد الشباب البيئة المناسبة لهم داخل (المدرسة)، ومتى أصبحت فصلونا المدرسية، مساحات للتواصل مع هؤلاء الشباب لمعرفة ما يدور في (عقولهم) و(قلوبهم) من حراك نفسي وتغير اجتماعي قد تغفل عنه الأسرة لسبب أو آخر، ومتى ما نجح الإعلام في صناعة التواصل واختراق عقول أولئك الشباب، ببرامجه المتجددة، متى ما حصل ذلك كله أو جله، نجحنا في صناعة (مثلث النجاة)!!

لم تنجح تلك (الأرقام) الفلكية في إخافتي!! ولكن الخوف كل الخوف، أن نتعامل معها على كافة المستويات، بطريقة (ردة الفعل) المعروفة عندنا، ولا نتجاوز تلك (الطريقة) العقيمة إلى المنهجية العلمية في التعامل مع تلك (الكارثة) فتتسابق الجهات المعنية بإجراء الدراسات البحثية المعنية بالجريمة، وتتواصل معها الجهات الأخرى ليكتمل مشروع (المواجهة) مع أم الكوارث.

أخيراً .. متى نتجاوز طريقة (ردود الأفعال) في التعامل مع الأزمات، إلى المنهجية العلمية؟ متى؟ سؤال لا أملُّ من طرحه، كلما وجدت نفسي أمام (أزمة)، فما بالك بأزمة تتعلق ب(حجر الزاوية) في مسيرة الوطن، إنهم شبابنا ثروتنا الحقيقية فبدلا من أن يمارسوا البناء الحضاري لوطنهم، شُغلوا بذواتهم وأصبحوا (ضحايا) حرب خفية مع تجار المخدرات ومروجيها ومهربيها.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6885 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد