...لست أدري هل تمت إحصائية دقيقة، في المملكة في كل عام دراسي، عن عدد ما
أصيبت به المرأة: معلمة وموظفة وموجهة، ومن يرافقهن في مشوار العمل اليومي، إلى مقر العمل، ثم إننا نقرأ تلك الأخبار المأسوية، في أنحاء المملكة، وما استقبلته المستشفيات والمقابر، من نساء هن في زهرة العمر، وتفتح العطاء.. وفي مسيرتهن لبهجة العمل الجديد، ثم ينسى كثير، ذلك الخبر ليتبعه أخبار ونتائج تتكرر.
إن كل من يقرأ تلك الحوادث، وما تجره على البيوت، من ويلات، تتفطر منها المشاعر: حزنا، ومشاركة للأهالي في مصائبهم، يحس بالألم، مثلما يحس به المكتوون: من باب من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم.. ولا يملك القارئ الذي لا حول له ولا طول، إلا الدعاء للموتى بالمغفرة، ولذويهم بالصبر والاحتساب، لأن المصيبة بل المصائب المتتابعة، ذات عمق في القلوب، لكن ما هو الأثر في قلب المختص؟!
فخسائر الطرق عامة، والجهات التعليمية خاصة، تتكاثر وتحتاج إلى حلول جذرية.. ومعرفة الأسباب، حتى يوصف العلاج.. حول عملية، لا حلول قولية، تنتهي آثارها بسرعة، ولا يرى المواطن أثراً.
إن المقارنة بين كثير من الأمراض والاستعداد لها: كحمى الضنك، وأنفلونزا الطيور، والحصباء والجدري، والكوليرا وغيرها، وما يعد لها من استعدادات وتجهيزات؛ مالية وفنية، عالية جداً كل هذا من أجل الوقاية.. فماذا أعدت الجهات المعنية: كوزارة النقل في الطرق وسعتها، والمرور ومراقبته، ووزارة التربية ومسؤوليتها، من دراسات واستعدادات إن كل مشكلة لها حل، كما يقال في المثل بمكة: كل حلّة وغطاها.
إن الذي نسمعه كثير، ولكن ما عُمل قليل، إن لم يكن معدوماً.. لأن كل جهة مسؤولة. وكل فرد عليه واجب، والمسؤولون - وفقهم الله - يريدون ممن أنيطت بهم المسؤولية العمل، والمشاركة الميدانية لمعرفة المدخل والسبب أولاً ثم الإسراع بوضع الحلول العاجلة.. فالزراعة أبادت ملايين الدواجن، خوفاً من أنفلونزا الطيور والتمست لها عذراً في أزمة الدقيق، فألقت بعض المسؤولية على الصحافة تهرباً وغيرها من أمور عديدة، لا يجد المواطن إلا التلاءم ولا حل يلمسه المواطن لكن مشكلة الحوادث المأسوية، لم نر لها حلاً يوقف زحف الموت -والأعمار بيد الله-، الذي كان آخر خبر مؤثر، نشرته (الجزيرة) يوم الخميس 18-4-1429هـ، عن حادث مهد الذهب، الذي راح ضحيته (4) مشرفات تربويات مع السائق وزوجته وطفلهما الجميع (7) سبعة، وقبل هذا أخبار كثيرة، لو أحصيت في هذا العام الذي لم يمض إلا نصفه، وبصدق وإخلاص، لكانت الدراسة جديرة بوضع حلول عاجلة، فهي أكثر عدداً من كثير من الأمراض.
منها ما يتعلق بوزارة النقل، بتوسعة الطرق، في القرى والمناطق النائية، ويحزنني أن أنقل لمعالي الوزير، ما سمعته من أحد العاملين في شركة، تعيد التعبيد في أحد شوارع الرياض، لما لاحظت عليهم ولاحظ غيري، أهمية التحسين والإجادة، قول هذا المهندس في تلك الشركة، وهو أجنبي كل هذا مؤقت، حتى نخلص ونسلم ونقبض فلوسنا.
فماذا نرجو من أعمال مؤقتة، وقد يكون من الداخلين في تلك المناقصات ومن لا يحسن العمل أو مغمور، فإذا كان شعور ذلك المعهود إليه العمل، وفي داخل البلاد، بأن كل شيء عندنا مؤقت فمتى يأتي العمل المتقن الثابت.
ومتى تلغي الوزارة الأعمال الباطنية، ومنع الشركات غير المؤهلة، حفاظاً على المواطنين، وأموال الدولة.
والشواهد كثيرة في مشروعات أوقفت، وطرق تحت الإنشاء أهملت سنوات ولم تنفذ، بل وقف العمل فيها.
إن المواصفات العالية، والمحاسبة الدقيقة، كفيلة بتغيير الموازين والقاعدة الشرعية: أن من أمن العقوبة، أساء الأدب والمثل عند المصريين: المال السائب يعين على انتهاك الأمانة.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم، جعل لأمته قاعدة يجب الأخذ بها، ونحن أمة مسلمة يجب عليها الأخذ بهدي النبوة: (رحم الله امرأً صنع صنعة فأتقنها) وحكومتنا وحماتها - وفقهم الله - جعلوا الإسلام عقيدة وعملاً ونظاماً يطبق، في أدوارها الثلاثة فيجب على كل مسؤول في كل موقف، أن يكون حارساً وأميناً على عمله، وإن أشغله الاجتماعات والرسميات، فليجعل له آذاناً صاغية صادقة، تراقب له عمله، وتنصح له، وليغيرها بين حين وحين، كما كان يعمل القادة في تاريخ الإسلام في العصور الثلاثة المفضلة. ومن كان مخلصاً بعدهم وأسوتنا في ذلك قريبة: الملك عبدالعزيز بحرصه واهتمامه رحمه الله.
وهكذا بقية الأجهزة الأخرى، المناط بهم ما يتعلق بالطرق أولاً، في حل عاجل، مراقبة ومتابعة وجزاءات لمن يخالف هذا في الحل العاجل، وفي الآجل عدم المركزية في العمل، وإعطاء صلاحيات للفروع، مع المتابعة والرقابة على مجريات الأمور وفي هذا انطبق قول الفارس: عنترة بن شداد، لما سئل عن السبب الذي أوصله إلى أن يكون أشجع الشجعان؟ فقال: لست بأشجعهم، ولكنني أتصيد الجبان، فأضربه الضربة الشديدة، حتى يخاف مني الشجاع.
ولذا كان خالد بن عبدالله القسري: الذي كان والياً على مكة، أيام بني أمية، قد ارتج عليه، وهو على المنبر، حتى كادوا يرمونه بالحصباء، فشعر بذلك ثم قام، وقال: أما بعد.. فأنتم في حاجة أمير فعّال، ولستم بحاجة إلى قوّال.. قوموا لصلاتكم. لذا فإن المواطن، يريد ممن حملهم ولاة الأمر أمانة العمل، أن تكون أعمالهم تتسم بالعلاج السريع، وبالفعل، لا بالقول والتبرير بتحميل المسؤولية لطرف آخر.. فهم في مستوى المسؤولية.
إن عزرائيل، عندما يُجدُّ في التقاط أرواح نخبة من نسائنا: في طريقهن لأداء أعمالهن معلمة وطالبة وموظفة وموجهة، لا يقرأ التصريحات من هذا وذاك، عما عمل وما يريد أن يعمل، في شيء لم يعمله ولكنه يعرف أن ذلك له أسبابه سيحاسب عليه فاعله.
إن المواطن وقبله حماة هذا البلد، يريدون أعمالاً تتحدث عن نفسها مطمئنة، حتى ترتاح القلوب، ويشعر الكل بأن هناك من يتلمس أحاسيس المجتمع، ليعمل جاهدا في الحلول المرضية المريحة: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إلى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (105) سورة التوبة
والحديث في هذا كثير، والمسؤولية أمام الله أولا، ثم أمام ولاة الأمر، لأن عمر بن الخطاب يقول: لو عثرت بغلة في طريق البصرة، لأدركت أنني مسؤول عنها، لماذا لم أمهد لها الطريق.. ولذا فإن مسؤولية الطرق والنساء والضحايا أولاً ثم كل من سلكها، ليست مسؤولية خاصة، بل هي عامة، فكل من الجهات الرسمية عليها دور، ولا نحب أن نسمع ما يقوله بعضهم، من يُسأل عن شيء له أهمية مثل هذا الجواب: وأنا مالي.. لأن هذا الجواب سلبي يوهن العزائم، ويدعو لليأس، وعدم الشعور بمسؤولية الأمانة أما وزارة التربية، فلا شك أن عليها مسؤولية من أمور عديدة، ويمكن أن نقضي على أكثر ما يتعلق بموضوعنا هذا بوضع حل سبق أن قدمته قبل (25) عاماً عندما كنت مسؤولاً في تعليم البنات، وبأحد الاجتماعات.
ولضيق الحيز: فإنني أجمل ذلك إذ كان ذلك فيه بدل للمناطق النائية، وبعض المعلمات بدأنا في الرغبة لتلك المناطق لأجل المال.. فاقترحت: أن يكون التعيين لها على نوعين:
1- من كانت من أهل المنطقة ساكنة وأسرتها فيها فلا تعطى، ولو جاءت بما يثبت غير ذلك بحجة أنها درست في المدينة، لكن تعطى الأولوية في التعيين لأن المعتبر في في الجهات التي حددت أنها لا عائلة لها ولا محرم في قرية أو المنطقة.
2- ومن لا رابطة لها بمكان العمل، فيعد لهن سكن بجوار المدرسة، كسكن داخلي ومؤثث لتقيم فيه وعدم التردد يوميا، لما في ذلك من مصالح، ودفع لمفاسد، أما المصالح فلصالح العمل والطالبات، وراحة البال، ويعد لهن في هذا السكن ما يريح من مكتبة من أجل التحضير، وتلفزيون وتأثيث مناسب لمستواهن، ومن المفاسد: الوقاية من مخاطر الطرق يومياً وسلامة صحتهن، ولتكون المعلمة نشيطة ومحضرة لدرسها، وهادئة البال ومن لها أطفال تأتي بهم معها.. وغير هذا مما ذكرته في بحثي المقدم لذلك الاجتماع، الذي لم يعمل به بكل أسف؟؟ إلا أن بعض المعلمات في الليث وغيره طبقن الفكرة بجهودهن ونجحت ولم يذكر لي حصول حوادث لأنهن لا يسافرن إلا مرة في نهاية الأسبوع.
ذكر وفاة آدم:
ذكر النويري، في كتابه نهاية الأرب، في فنون الأدب: أن أبانا آدم عليه السلام، لما أخرج الله تعالى الذرية من ظهره، رأى داود عليه السلام، وحسن صورته، فسأل عنه، وعما رزقه الله من العمر؟ فقيل له: إنه نبي الله داود، وإن عمره الذي كتب الله: أربعون سنة. فقال: يا رب زد في عمره؟
قال: ذلك الذي كتبت له. فقال آدم: يا رب فإني قد وهبته من عمري ستين سنة، فلما انقضى من عمر آدم، تسعمائة سنة، وأربعون سنة، أتاه ملك الموت، فقال له آدم قد عجلت علي، لأن ربي كتب لي ألف سنة، ثم قال له: ألم تهب منها لولدك داود ستين سنة؟
قال: لا. قال: فجحد آدم، وجحدت ذريته من بعده، ونسي فنسيت.
وقيل في عمر داوود: ستون سنة، وأن آدم وهبه أربعين سنة، والله أعلم.
فلما استكمل آدم، عدته أمر الله بقبض روحه، فعهد إلى ابنه شيث وأوصاه، وسلم إليه التابوت، وكان فيه نمط من الجنة، أبيض أهداه الله تعالى لآدم. فيه صور الأنبياء والفراعنة، من ذريته. فنشر آدم النمط، وأراه لابنه شيث، فنظر إليه، ثم أمر بطيه، ووضعه في التابوت، وعمد آدم إلى طاقات من شعر لحيته، فوضعها في التابوت، وقال له: يا بني إنك لا تزال مظفراً، على أعدائك، ما دامت هذه الشعرات سوداء، فإذا ابيضت، فاعلم أنك ميت، فأوص إلى خير أولادك، وأوصاه بقتال أخيه قابيل، الذي قتل أخاه هابيل.
ثم قبض الله تعالى نبيه آدم في يوم الجمعة، بعد أن استكمل ألف سنة، وصلت عليه الملائكة صفوفاً، وصلى عليه ابنه شيث، ودفن عليه السلام.
وقيل كانت وفاته بالهند، فلما كان زمن الطوفان، حمل نوح معه، تابوت آدم في السفينة ثم دفنه ببيت المقدس. ولما توفي آدم عليه السلام، لم تعلم حواء بموته، حتى سمعت بكاء الوحش والسباع والطير، ورأت الشمس منكسفة، فقامت من قبتها فزعة، فصاحت صيحة عظيمة، فأقبل عليها شيث وعزاها وأمرها بالصبر، فلم تصبر، ولطمت وجهها، ودقت صدرها، فأورثت ذلك بناتها إلى يوم القيامة، ثم مرضت مرضاً شديداً، حتى بكت الملائكة رحمة لها، ثم قبض فغسلنها بناتها، وكفنت ودفنت إلى جانب آدم - عليهما السلام - وقيل وفاتها بعد آدم بسنة (نهاية الأرب 13 - 34).