الشباب هم عدة الأوطان ونماء المجتمعات، وهم ثروة الأمة وذخرها؛ ومن خلال طموحاتهم العالية وأهدافهم السامية؛ يتضح لنا بجلاء ثمرة ونجاح مخرجات التعليم، ومن المعلوم أن من أعظم أهداف التربية السليمة؛ هو تربية الشباب وتزويدهم بالخبرات والمهارات؛ من أجل بناء الإنسان القادر على الاندماج في المجتمع من خلال تكامل شخصيته النفسية والجسمية والثقافية والصحية... وهذا لا يتأتى إلا بتكامل العملية التعليمية التربوية وموازنتها بين الأنشطة الصفية والأنشطة غير الصفية وأن تساير كل واحدة الأخرى جنباً على جنب مادياً ومعنوياً من غير ضعف ولا نقص.
من هذا المنطلق أولت بلادنا قطاع الشباب كل اهتمامها وجندت لذلك جميع الإمكانات والطاقات من التنظيم والتخطيط والدعم المادي والمعنوي وتشييد المنشئات والمدن الرياضية والمراكز الثقافية والأدبية كل هذا من أجل أن يستفيد منها النشء والشباب في هذا المملكة المباركة مملكة الخير والإنسانية.
وفي نهاية كل عام دراسي زاخر بالجد والمثابرة، حافل بالجهد والجد من قبل أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات والذي يأتي عليهم في نهايتها إجازة صيفية طويلة الأمد يستريحون من خلالها ويستجمون من عبيرها إجازة تشرق عليهم من خلال غمائمها شمس الأندية الصيفية تلك الأندية التي تنمي في الطالب المواهب والإبداعات وتزوده بالمهارات والخبرات وتحصنه من الأفكار الدخيلة وتغرس في نفسه المعاني الجميلة من التعاون والصدق وبذل الخير وتنمي في قلبه حب الوطن والشعور بالانتماء إليه وذلك من خلال التعرف على منجزاته ومؤسساته وزيارة معالمه وواحاته.
الأندية يحفظ الطالب فيها وقته ونفسه مما يؤثر عليه سواءً في فكره أو سلوكه؛ ولا شك أن وزارة التربية والتعليم من خلال تصريحات مسؤوليها والدعايات التي يطرحونها عن الأندية وموعد افتتاحها ووضع الضوابط والأسس لإقامتها ورصد الميزانية الضخمة لها!! والذي يعطينا إشارة على مدى الاهتمام الكبير من قبل وزارة التربية والتعليم بشأن الأندية؛ تخطيطاً وتنظيماً وإشرافاً ومتابعة ولكن ما إن تبتدئ هذه الأندية وتأخذ في التفاعل في برامجها تفاجأ أن كل هذا الذي كان يصرح به ما هو إلا دعايات براقة لا مكان له في أرض الواقع وأنه سراب بقيعة يحسبه المنتسبون للأندية أنه مادة يمكن أن يتعامل معها ويستثمرها فإذا هي مجرد تصاريح إعلامية لا أقل ولا أكثر لذا فإن السؤال العريض الذي يحتاج إلى جواب شافٍ ما نصيب ومكانة الدعم المادي للأندية من هذا الاهتمام ومن هذه التصريحات؟!
إنه سؤال مهما كانت إجابته من قبل المسؤولين في الوزارة فإن إجابة الواقع وخصوصاً في الأعوام السابقة تبين جزءاً من هذه الإجابة من خلال الضعف الذي وصلت إليه الأندية الصيفية! من خلال تأخر التخطيط لبرامجها وقلة مواردها الماليةّّّ!! والتي كانت سبباً في ضعف أنشطتها ومن ثم ضعف مخرجاتها التربوية ولذا كيف نطالب نادياً صيفياً يقوم بدوره في المجتمع ومشرفو النشاط في إدارات التعليم لم يصلهم حتى الآن أي تعميم من الوزارة عن برنامج الأندية متى تبدأ؟ ومتى تنتهي؟ والإطار العام أو الآلية والخطة التي يسيرون عليها؟! وإن وصل وصل متأخراً!!.
كيف نطالب العاملين في الأندية الصيفية بالإبداع واستثمار الأوقات وهم لا يملكون أي حوافز مشجعة تعينهم وتكون دافعاً لهم في هذا الصيف اللاهب الذي ضحوا فيه بأوقاتهم وأسرهم وراحتهم من أجل فلذات أكبادنا؟!
وأما عن الموارد المالية وما أدراك ما الموارد المالية؟ فإن النادي لا يستلم من الوزارة ريالاً واحداً لتصريف أعماله أو تنفيذ برامجه!!
أغلب المدارس التي تقام فيها هذه الأندية غير مهيأة من حيث الملاعب المزروعة أو الصالات الرياضية أو الأجهزة والإمكانات!!
عدم وجود وسيلة مواصلات أو حافلة مخصصة للنادي فكيف إذاً عندها نطالبهم بزيارة معالمنا ومصانعنا والتعرف على منجزات وتطور بلادنا!!
أخيراً على الوزارة أن تعطي كامل الثقة لمنسوبي الأندية وأن تشعرهم بأنهم محل احترام وتقدير، وأن تبني جسور الحب والمودة وأن تقف معهم بالعون والتأييد لا أن تقف عليهم بالنقد والتفتيش!! عن كل صغيرة وكبيرة، عندها ستنجح أنديتنا الصيفية وستؤتي ثمارها وتكون محاضن تربوية رياضية ترويحية بحق تفيد الشباب وتغرس الأخلاق وتحفظ النفوس من التطرف والغلو، وتحصن الأفكار من الضلال والانحراف والتكفير، نعم لابد من نقلة تطويرية للأندية الصيفية تواكب التطور وتتماشى مع روح العصر فالشباب هم الشباب لم يتغيروا ولكن الذي تغير هو تطور مفاهيمهم وتوسع مداركهم وتنوع رغباتهم لذا على الوزارة أن تعي أننا في زمن البقاء فيه لا يكون إلا للمبدعين الناجحين في وسائلهم وغاياتهم وتشجيعهم وحوافزهم؛ وإلا فمحاضن الشباب كثيرة والمراكز متنوعة منها الغث ومنها السمين!!.
همسة : إن الشباب والفراغ والجدة *** مفسدة للمرء أي مفسدة