هناك مشكلة تعانيها من تتصدى لتدريس فصل غير متجانس البيئة في المدارس العامة؛ فاختلاف الفروق الفردية أمر يخضع لاعتبارات تربوية وتعليمية لا تخفى أسسه العامة على المختص، لكن ثمة اختلافاً في أمر فئات الطالبات القادمات من دور الرعاية أو من أسر أحادية الوالدين أو أمية الوالدين.. فإن كان العامل الاقتصادي يؤثر بشكل أو آخر في مستوى الاستقرار النفسي للطالبات إلا أن تضافر هذا العامل مع الخلفية التربوية في تنشئة البنات يؤثر بشكل أكبر مساساً في سلوكهن ومدى تقبلهن للتعلم والتعليم أو يحدد منطلقات التفاعل معهما وأسبابها.. ومن ثم في تقنين نوعية الاستجابة منهن مع المعلمات؛ حيث تتفاوت دوافع الاستجابة بينهن وبين بقية الطالبات بحسب نقاط الفراغ في تنشئتهن من حيث الحرمان العاطفي الوالدي.. ومن حيث الحاجة للأمان النفسي الذي ينشأ من فقدهن الرعاية الوالدية الأصل.
وكذلك من حيث عجز نمط الوالدين أو أحدهما عن تقديم ما تتطلبه التنشئة الواعية في حالة أميتهما أو أحدهما بمعنى الأمية الشاملة لا أمية القراءة أو الكتابة فقط.
هذه الفئات من الطالبات أجدهن يؤثرن كثيراً في قدرة المعلمات على التصدي لاحتياجاتهن والتعامل مع شخصياتهن والعمل على إعادة صياغة سلوكهن وضبطه لأسباب عديدة؛ لعل من أولها أن الوقت في المدرسة المتوسطة على سبيل التحديد لا يتيح برنامجه اليومي لمثل هذه النشاطات التربوية المهمة؛ فما أن تنتهي حصة إلا تلحق بها الأخرى وبينهما فترة وجيزة للراحة ومن ثم بعدها تعلن صافرة الخروج.
كما أن المدارس ليس في خططها أن تكون مشرعة بعد ساعات الدراسة لمواجهة شؤون الطالبات.. كذلك ليس من خطط التربية وجود برامج تعاونية بين الدور القادمة منها هذه الفئة من الطالبات وبين إدارات المدارس وهيئة تدريسها.. ولا بينها وبين طالبات المجتمع القادمات من دور أسرهن.. ولا يكفي يوم الأمهات الذي يتحول لاحتفالية بما تتطلبه حاجة هؤلاء البنات لمعالجة فجوات تنشئتهن.. لذا هناك الكثير في خواطر المعلمات عن هذا الأمر لعله واحد من أهم المحاور التي انبثقت لي خلال إشرافي على المعلمات الدارسات في الدبلوم العالي في التربية والتعليم بالجامعة.. ولئن وجدت هؤلاء الدارسات لدى أستاذات الجامعات والكليات ما توجههن إليه من حلول فأين تجد مثله معلمات التعليم العام..؟
هناك الكثير الكثير من قضايا تتحرك مع نبضات خواطر من يتصدى للتعليم في المستويات جميعها..
غير أن مراحل النمو لها من الخصائص ما يتطلب العناية بوضع برامج وخطط للعمل على مواجهتها.. لا يكفي لها وقت التدريس داخل الفصل ولا لحظات الفسحة المدرسية، فغرضها وزمنها لا يهيَّآن لذلك.. ولا كلمة عابرة في ممر أو داخل فصل أو عند بوابة الخروج.