Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/04/2008 G Issue 12997
الثلاثاء 23 ربيع الثاني 1429   العدد  12997

هذرلوجيا
الشال والعُقاب
سليمان الفليح

 

بالأمس هاتفني الصديق والشاعر الرقيق سليمان الصقير وقال لي: سأمر عليك لتخرج للصحراء ل(ندعي) الطير؛ أي ندرب الصقر على مطاردة فرائسه في الجو. وتتم هذه الطريقة بإطلاق حمامة قاتمة اللون بعد (نتف) قليل من ريشها، ومن ثم إطلاقها في الفضاء، ومن ثم رفع برقع الطير ومناداته باسمه، ثم يأخذ بالتلفت يمنة ويسرة؛ حتى يرى الحمامة المحلقة، ومن ثم يرفع جناحيه قليلاً رغبةً بالانطلاق ثم يتركه الصقار ليمارس الطرد. وأقول الطرد؛ لأن العرب كانت تسمي هذه الطريقة بهذا الاسم، وهي تنضوي تحت علم البيزرة المتعلق بهواية الصيد، سواء أكانت عن طريق البزاة أو الصقور أو الكلاب السلوقية أو حتى الفهود؛ لأن العرب قديماً كانت تصطاد بالفهد بعد تدجينه وتدريبه. ما علينا من ذلك كله؛ فالمهم أنني حينما هممت بالركوب بجانب الصديق سليمان وقعت يدي على شال حريري زاهي التطريز، وكانت تفوح منه رائحة عطر نفاذ؛ فقلت له: ما هذا؟ وهنا قال لي ضاحكاً: أرجوك أن تشم هذا الشال الأسود الشفاف؛ ففهمت قصده، وقلت (قاصداً):

يومن تعطيني أشم الشال

ما تقول لي الشال وش لي به؟!

كان أنت (يا بو جنا) رجال

عطني جواله وأنا أجيبه

فقال لي على الفور: لا، لا؛ فأكملت الأبيات مواصلاً:

(يا صاحبي وأعرفك دجال

عقاب وصادن مخاليبه

وانت تخبر يوم هن أجوال

صاحبك وتعرف مضاريبه

بوقت مضى يومنا جهال

والرأس ما كان به شيبه)

إلا أن أبا جنا - الصقير قال بدون قصد مسبق:

اليوم برأسك أظن موال

والظاهر تبغي تغني به؟!

فقلت له:

والله لا حدك لطار الجال

وانا أعرف الشرّ تحري به

ومعه لعانه وزود أهبال

واللي على لسانك تجيبه

وهنا قال لي: أرجوك يا أبا سامي أن تقف عند حدّ الشال موضوع الاستثارة ولا تمعن في هجوي؛ فقلت: والله لأهجونك بما هو فيك؛ فواصلت القول:

عذروبك انك وسيع البال

وبوجهك ما شفت تعصيبه

وعذروبك انك عزيز اقبال

وبينك اضيوفك معازيبه

ثم ابتسم صديقي الشاعر، وقال: ما دام الأمر كذلك فلتستمر بالهجاء ما شئت. ولكي أقطع عليه ما محضته من مديح قلت مكملاً:

بقي عذروب بعد ما انقال

ما زلت تغازل يا هالشيبه

وأخيراً، ولكي أطيّب خاطر صاحبي أبي جنا قلت مادحاً:

(يفداك (يا بو جنا) الانذال

صديقي وما حلى عذاريبه)

وصلنا إلى سهل شاسع حتى حدود البصر ثم أخرج الحمامة وطوحها في الهواء ونزع برقع الصقر الذي انقض عليها كالسهم، ولكنه قبل أن يتمكن منها بمخالبه الحادة، لست أدري كيف انقض عليه عقاب كاسر جعل ريشه بدداً في الأنحاء ليطير بالحمامة وحده حيث يتربع فوق قمم السحاب ليأكل فريسته بكل هدوء،

أليس العقاب هو إذن ملك الفضاء وأمير الطير وهو أمنع الكائنات؟ لذلك قال العرب: (أمنع من عقاب الجوّ).. وهكذا صدق الشاعر في أحد أبيات القصيدة السابقة.

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد