«الجزيرة» - الرياض
طالب عضو اللجنة الثقافية والإعلامية بمجلس الشورى في مداخلة على تقريري وزارة البترول والثروة المعدنية لعامي 25-1426هـ - 26-1427هـ طالب لجنة الاقتصاد والطاقة بالمجلس بالتأكيد على شركة أرامكو بتخصيص نسبة من عوائدها لصرفها في بناء مستشفيات تخصصية نموذجية في كافة مدن المنطقة الشرقية كونها ملزمة بتوفير خدمة صحية متميزة ومتابعة الحالات المستعصية من المرضى. وقال نصر الله في نص مداخلته:
ما ألحظه في تعاطينا لطرق التحليل والنظر في قضايا المجتمع والبيئة والاقتصاد، هو التأكيد المستمر على الجانب الكمي هدفاً واتجاراً.. نموذجاً تقرير اللجنة الاقتصادية والطاقة عن تقريري وزارة البترول والثروة المعدنية لعامي 25-1426 - 1427هـ.. فهنا مسح كمي للإنجازات في عمليات التنقيب بمعدلات ملحوظة أدت إلى اكتشافات متواصلة في حقول البترول والغاز، حتى تلبي حاجة الطلب العالمي المتزايد على الأول والطلب المحلي المتزايد على الثاني، حيث نرى برميل البترول يحلق بأسعاره الأسطورية.
.. لكن ماذا عن ما تنتجه بلادنا في هذين القطاعين وإعادة تصنيعهما، وصلته على مستوى الخدمة التي اعتادها المواطنون منذ قامت شركة أرامكو قبل سعودتها؛ من تبني مشروعات صحية وتعليمية وتدريبية وتثقيفية، بل وإعلامية رائدة.
أكاد لا أجد له أثراً في التقرير سوى سطر ورد في الصفحة السادسة حول تقديم الخدمات للمجتمع مثل مراكز تطوير البحث العلمي.. وفي الصفحة الثامنة وردت ثلاث كلمات فقط نصت على متابعة الشؤون البيئية. هنا - أيها الاخوة الأعضاء - اسمحوا لي الوقوف عند ما ذكره أحد أعضاء الجمعية السعودية للسرطان، ورئيس قسم الجراحة بمستشفى القوات المسلحة بالظهران؛ من أن المنطقة الشرقية سجلت أعلى نسبة من المصابين بمرض السرطان بين مناطق المملكة. ومن خلال جولات تفتيشية قام بها مسؤول إدارة حماية البيئة على مصانع في المنطقة الشرقية لرصد نسبة الانبعاث والنفايات وغيرها من مسببات التلوث، أكد مدير حماية البيئة للأرصاد وحماية البيئة في المنطقة الشرقية، بأنها تعاني من التلوث.
أما المدير الطبي للجمعية السعودية لمرضى السرطان بالمنطقة الشرقية، فإنه يربط ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان بأن المنطقة تشكل أكبر تجمع صناعي، بخاصة في مدينة الجبيل الصناعية، حيث يجري التوسع المتنافس بين شركتي أرامكو وسابك في صناعة البترول ومشتقاته.
إذاً.. ألا يقتضي ذلك على أرامكو أن تتحمل واجبها الأخلاقي والوطني، فتعمل على تطوير وحدة معالجة أمراض السرطان بمستشفاها بالظهران، بحثياً وطبياً.. لدراسة ومعالجة تفشي أمراض السرطانات والحساسية وجهاز التنفس، وتصميم برنامج مكافحة تلوث البيئة وحماية المواطنين من آثارها.. وكذلك توفير الاعتمادات المالية ومضاعفة الكوادر الطبية في مستشفى أرامكو الذي يحتاج إلى زيادة في طاقته الاستيعابية، وتطوير أدائه الطبي التخصصي، بحيث يضطر أحياناً كثيرة إلى تحويل مرضاه في القلب والسرطانات إلى مستشفيات في الرياض والبحرين، أو تحويلهم إلى المستشفيات والمستوصفات الخاصة.. وهذه في الغالب تفتقر إلى مستوى الخدمة الطبية التخصصية النوعية المناسبة، فالقطاع الخاص في بلادنا - كما نعلم - هدفه غالباً الربح وحسب.. دون احتساب العناصر الأخرى المشكلة للعملية الاقتصادية.
معالي الرئيس.. الأخوة الأعضاء..
يبدو أن ثقافة وزارة المالية البيروقراطية وصلت إلى شركة أرامكو بعد سعودتها.. مما جعلها توقف مشروعها التاريخي في بناء المدارس النموذجية وصيانتها حتى وهي تسلم إشرافها إلى وزارة التربية والتعليم.
وبسبب التأثر بثقافة القطاع الخاص.. أو قل بموجة قانون السوق، كادت أرامكو قبل سنوات أن تغلق مستشفاها النموذجي في الظهران، حين استجابت لدعوات القطاع الخاص بتحويل مرضاها إلى المستشفيات والمستوصفات الخاصة، التي لا تملك التأهيل الطبي القادر على تقديم خدمة صحية تخصصية تتناسب ومعالجة الأمراض الخطيرة، التي يتعرض لها المواطنون في المنطقة الشرقية، بسبب تأثرهم بمسببات التلوث البيئي الصادرة عن التوسع في الصناعات البترولية ومشتقاتها.
لذا أرجو من لجنة الاقتصاد والطاقة التأكيد على وزارة البترول والثروة المعدنية بأن تقوم شركة أرامكو بتخصيص نسبة ما من عوائدها لصرفها في بناء مستشفيات تخصصية نموذجية في كافة مدن المنطقة الشرقية.. لأنها ملزمة بتوفير خدمة صحية متميزة، ومتابعة الحالات المستعصية من المرضى، والعمل كذلك على تصميم برامج متطورة في مكافحة التلوث البيئي، وحماية المواطنين منه.
وشركة أرامكو وكذلك سابك وهما من كبريات الشركات العالمية قادرتان على بناء مستشفيات تخصصية كبرى أبناء المنطقة الشرقية في أمس الحاجة إليها اليوم قبل الغد. وهذا الجانب الكيفي مغفل مع الأسف في التقرير.