الرياض - خالد الحقيل
أكد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية استمرارية العلاقات بين الرياض ودمشق، نافياً سموه تلقيه لأي نبأ يفيد برغبة الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة المملكة قريباً.
وعن توسط بعض الدول العربية بين المملكة وسوريا قال سموه: أعتقد أنه لا يوجد هناك وساطة بين سوريا والمملكة العربية السعودية نحن علاقاتنا قائمة والاتصالات مباشرة ولم تتعقّد العلاقات.. وبالتالي أستغرب أن تكون هناك ضرورة للوساطة الخارجية بين البلدين.
جاء ذلك في المؤتمر الصحفي المشترك لسموه أمس بالرياض مع وزير خارجية النرويج السيد يوناس ستورة الذي أعلن فيه أهمية زيارته للسعودية، وأن هدفها تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، وتوسيعها لتشمل الجوانب السياسية ناهيك عن الجوانب الاقتصادية وما يتعلق بالطاقة والنفط والوقود العضوي.
كما أكد تطابق وجهات النظر السعودية- النرويجية بخصوص قضايا الشرق الأوسط، وحول الرسوم المسيئة لرسولنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم التي نشرت ببلاده.. أوضح الوزير أنها نشرت من محرر واحد فقط فيما بقية الصحف رفضت النشر، مشدداً معاليه على أهمية ضرورة احترام الأديان وداعياً إلى مزيد من الحوار الثقافي والديني.
وحول الارتفاع المتزايد لأسعار النفط.. أعرب سمو الأمير عن قلق المملكة تجاه الدول المستهلكة للنفط، موضحاً في ذات الوقت بأن بلاده لم تقم بأي عمل من شأنه تدمير اقتصاد أي دولة، وأرجع سموه هذه الارتفاعات إلى عدم تحقيق توازن عالمي في مجال الطاقة، ملمحاً سموه إلى حاجة العالم إلى النفط في المستقبل جنباً إلى جنب مع الطاقة البديلة، فيما أشار إلى أن الطموحات التي تراهن على عدم الاعتماد على النفط مستقبلاً باتت محدودة.وكان سمو الأمير سعود الفيصل قد استهل المؤتمر بالترحيب بالوزير النرويجي والوفد المرافق له في زيارته الحالية للمملكة.
وقال سموه: عقدنا اليوم (أمس) جلسة مباحثات مطولة وشاملة تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في العديد من المجالات ونتطلع إلى التوقيع النهائي على اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية (الافتا) التي من شأنها تعزيز العلاقات الاقتصادية والإسهام في زيادة التبادل التجاري وتشجيع الاستثمارات المتبادلة للسلع والخدمات بين دول المجلس و(الافتا) بما يعود بالفائدة على بلدينا، وبالطبع سيكون لمعاليه لقاء مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد مغرب هذا اليوم (أمس).
وتابع سموه: باعتبار النفط أحد المجالات المهمة للبلدين فإن التعاون القائم بيننا يكتسب أهمية خاصة في إطار أهداف استقرار سوق البترول العالمي بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين والصناعة البترولية والاقتصاد العالمي عموما.. وشهد بداية هذا العام تطوراً نوعياً في التعاون بيننا في مجال النفط من خلال التركيز على قضايا البترول والبيئة وعمليات تجميع وحقن الكربون على وجه الخصوص وهو ما ينسجم مع الجهود الدولية في هذا الخصوص ومبادرة المملكة في قمة الأوبك الأخيرة في الرياض بإنشاء صندوق لأبحاث الطاقة والبيئة والتغير المناخي ودعمه بمبلع ثلاثمائة مليون دولار.
وحول القضايا السياسية.. قال سموه: بحثنا عملية السلام في الشرق الأوسط والجهود القائمة للدفع بها ونحن ننظر بكل تقدير إلى مساهمة النرويج الايجابية في العملية السلمية وهي الراعية لاتفاق أوسلو الذي نجم عنه قيام سلطة الحكم الذاتية الفلسطينية في الأراضي المحتلة ونتطلع إلى استمرار هذا الدور البناء للانتقال من مرحلة سلطة الحكم الذاتي إلى إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة الكاملة السيادة على أسس الشرعية الدولية وقراراتها ومبادرة السلام العربية.
وتابع سموه: كما نقدر جهود النرويج الإنسانية للتخفيف من معاناة الفلسطينيين من خلال ترؤسها للجنة الاتصال الخاصة بمساعدة الفلسطينيين ونتطلع إلى استمرار هذه الجهود كما نتطلع إلى استجابة المجتمع الدولي لها مع أهمية مطالبة إسرائيل برفع الحصار الجائر عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لتسهيل إيصال المساعدات لهم.
وأوضح الفيصل أن اجتماعه بوزير خارجية النرويج جرى خلاله بحث المشكلات الدولية ومنها أزمة دارفور والمؤتمر الدولي لمساعدة السودان المقرر
استضافته في أوسلو في شهر مايو المقبل وقال سموه: نتطلع إلى أن يحقق المؤتمر أهدافه في دعم السودان لإنهاء المعاناة الإنسانية لسكان دارفور كما نأمل أن يشكل المؤتمر فرصة لتوحيد الرؤى والسياسات الدولية لحل الأزمة بعيداً عن لغة التوتر والتصعيد التي من شانها إضفاء المزيد من التعقيدات عليها.
وفيما يخص الأزمة اللبنانية.. أشار إلى أنه تم أيضا التطرق إليها والتباحث حول أهمية حلها على ضوء مبادرة الجامعة العربية القائمة على مبدأ التوافق بين الأطراف اللبنانية وفق الأطر الدستورية وعلى ضوء استحقاقات الانتخابات النيابية بين الأغلبية والأقلية وقال سموه: نأمل أن يكون الموعد المحدد في الثالث عشر من مايو المقبل موعدا نهائيا لفتح أبواب البرلمان وانتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشيل سليمان تمهيدا لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية والشروع في مراجعة قانون الانتخابات النيابية بين كافة الأطراف.وفي الشأن العراقي.. بيّن سموه أن وجهات النظر متطابقة حيال أهداف الحفاظ على العراق آمنا موحدا ومزدهرا في ظل سيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية ووحدته الوطنية والحفاظ على هويته الوطنية والنأي به عن أي تدخلات خارجية تهدف إلى مصادرة قراره السياسي وإرادته الحرة مع التأكيد على أهمية التوصيات الصادرة عن المؤتمر الثالث الموسع للدول المجاورة في هذا الخصوص والعمل على دعم تحقيقها في إطار الجهود الدولية والإقليمية.
وأفاد سموه أن المباحثات تطرقت أيضا إلى الملف النووي في منطقة الشرق الأوسط والخليج وأهمية استمرار الجهود السلمية في حل أزمة الملف النووي الإيراني مع ضمان حق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها وقال سموه: لقد أكدت من جانبنا على أهمية تطبيق هذه المعايير على جميع دول المنطقة بدون استثناء بما فيها إسرائيل.
بعد ذلك ألقى وزير خارجية النرويج كلمة شكر فيها سمو الأمير سعود الفيصل على ترحيبه وكرم الضيافة، ومشيرا إلى أن زيارته هذه وهي الأولى للمملكة تهدف إلى تعميق العلاقات بين البلدين الشقيقين وللاطلاع على السعودية عن قرب من الناحية الثقافية والجوانب الأخرى.
وبين أن كلا البلدين قد طورا فهمهما الخاص وتعاونهما في مجال الطاقة على سبيل المثال لمدة سنوات عديدة وقال: أضفنا البعد السياسي في العلاقات وهو مبني على طموحاتنا التقنية وتطوير التقنية التي تحتاجها المملكة.. فإننا نعمق هذا التعاون ونوسع هذا التعاون في مجال الغاز والطاقة والبترول ولاسيما ما يتعلق بالوقود العضوي.
وأشار إلى أنه تمت مناقشة العديد من القضايا وكان هناك تطابق في وجهات النظر فيما يتعلق بالشرق الأوسط بشكل عام ولبنان والسودان بشكل خاص وغيرها من المسائل مبينا أنه سيكون هناك اجتماع في لندن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.وأوضح أنه من خلال هذه الزيارات بين البلدان والدول يمكن مناقشة الأمور والنظر فيها وتحقيق التنسيق والعمل بشكل أكبر لخدمة قضايا المنطقة.
بعد ذلك أجاب وزيرا الخارجية عن أسئلة الصحفيين والتي ابتدأت بسؤال حول مطالبة حلف الناتو بانضمام المملكة إليه.. فكان جواب سموه: كان هناك زيارة من حلف الناتو إلى المملكة العربية السعودية كما كان هناك زيارة من المملكة إلى الناتو ونحن ندرس بطبيعة الحال هذا.
وتعليقا على سؤال عن المسائل الرئيسية التي تتعلق بحقوق الإنسان في المملكة بين سموه انه لدى المملكة مجموعة من القيم التي يجب أن نتبعها كما أن في المملكة منظمتين (جمعيتا) حقوق الإنسان تستقبلان الشكاوي وتقوم بمتابعتها مع المؤسسات المعنية.
وحول لبنان بين سموه أن موضوعها هو موضوع مطروح في الأمم المتحدة وإجابات كل الأطراف مساعدة لبنان مشيرا سموه إلى أن للبنان علاقات واسعة وتاريخية في كل العالم ولا يستغرب أن يكون هناك اهتمام عالمي وفي نفس الوقت هناك اهتمام عربي مشهود ومؤيد عالميا لحل قضية لبنان.
وعن دور النرويج في دعم الهيئة التي تعني بشؤون الفلسطينيين أجاب وزير الخارجية النرويجي: أن النرويج ترأس مجموعة المتبرعين وقد عقد (28) اجتماعا بهذا الخصوص حيث تمكنوا من تنظيم عملية التبرع وكيفية التصرف الفلسطيني بهذه التبرعات من أجل أن يعيش قطاع غزة بسلام ومساعدة الفلسطينيين في مجال الاقتصاد وخلق الظروف المواتية للاقتصاد الفلسطيني من أجل أن ينمو.
وحول مسألة الكربون قال معاليه: نحن ثالث بلد منتج للغاز وخامس بلد منتج للبترول ونحن الآن في مرحلة التعاون النوعي فيما يتعلق بحقن الكربون وتجميعه وخصوصا في مناطق العالم الثالث وهناك تقنية محدثة ومطورة نستطيع أن نستخدمها في هذا الخصوص.
وأضاف: بالإمكان التعاون مع المملكة بتطوير ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء وأن تستثمر في هذا المجال وتوفر الكثير من الدعم ويمكن أن نناقش هذا مع هولندا وبريطانيا كذلك المملكة العربية السعودية فبوجود الشمس القوية في المملكة ووجود التقنية لدينا يمكن أن نعمق العلاقات ونخلق الكثير من التعاون.