بالرغم من أن العالم تطور، وأن الكثير من الدول الفقيرة اقتصادياً وثقافياً حسنت من أدائها، وعوضت حرمانها الاقتصادي بالتفوق الثقافي مستفيدة من الانفجار المعرفي وانفتاح السماوات الثقافية والفكرية في العالم بعد هيمنة (الإنترنت) وطغيان (المحركات المعلوماتية) التي أتاحت لكل إنسان على أرض الكرة الأرضية الحصول على المعلومة وبكل اللغات في لحظات تحدد حسب سرعة الحاسوب الذي يمتلكه.

رغم كل هذا التقدم والتفوق المعرفي إلا أن البعض من إخوتنا العرب لا يزال يعيش في عصور الظلام المعرفي والجهل بعيداً عن حقائق العصر التي تؤكد إحدى سماته أن المعلومة لم تعد خافية وكل شيء متاح ويعرف في وقته.

ولتعويض هذا الجهل الساخر يلجأ إخواننا إلى تعليق تخلفهم في المعلومات، أو التغاضي عن أخطائهم بتفسير ما يحدث خلف (مشجب) المؤامرة، وهو ما دفع إحدى المنظمات في سورية والتي تزعم بأن تنفيذ الحكم الشرعي بثلاثة جناة سوريين أدينوا بتهريب المخدرات جاء لأسباب سياسية، مشيرين إلى (فتور) العلاقات بين المملكة وسوريا.

والذي يعيش في المملكة ومنهم مئات الآلاف من الإخوة السوريين الذين يعملون في المملكة يعرف مدى الغبن والتشويه في هذا القول للأسباب التالية:

أولا: يعرف كل من يأتي للمملكة سواء للعمل أو الزيارة بأن جريمة تهريب والاتجار بالمخدرات والحبوب المخدرة عقوبتها الإعدام شرعاً بعد تصديق هيئة كبار العلماء في المملكة والعديد من البلدان الإسلامية، كما أن عقوبة الإعدام لتجار ومهربي المخدرات مطبقة في الكثير من دول العالم ومنها دول غير إسلامية.

ثانياً: إذا كانت الأرقام التي نشرتها تلك الجمعية صحيحة من أن 300 سوري مهدد بتنفيذ حكم الإعدام بحقه لقيامه بتهريب والاتجار بالمواد المخدرة فإن ذلك يجعلنا نتهم الجهة التي يردون منها (إذا كنا سنأخذ بأسلوب المؤامرة والتفكير الذي تسير عليه تلك الجريمة). ولأوقفت الجهات الرسمية الاستقدام من تلك الجهة إلا أن الاستقدام مستمر والذي يخالف الأنظمة يعاقب وفق تلك الأنظمة التي يعرفها كل من يفد إلى المملكة للعمل أو الزيارة.

ثالثاً: لو جارينا التفكير التآمري للقائمين على تلك الجهة، وأن الأحكام تنفذ وفق الأهواء السياسية لاحتاجت المملكة إلى مئات الأنظمة لتفصيلها على جنسيات المقيمين في المملكة الذين يبلغون قرابة السبعة ملايين إنسان يتبعون أكثر من مئة جنسية، وبعض هذه الجنسيات دولها لها سياسات غير مريحة مع المملكة، كما هو حاصل في العلاقات الدولية، فليست علاقات الدول جميعها ممتازة ولا يمكن أن تعكس الدول نوعية تلك العلاقات على رعايا تلك الدولة أو غيرها، وخصوصاً إذا كان هؤلاء الرعايا ممن يصنفون بأنهم أشقاء، مثل الإخوة السوريين الذين يتعايش معهم السعوديون وهم يتعايشون معهم كأبناء أمة واحدة، يدينون بدين واحد والكثير منهم يرتبطون بمصاهرات وعلاقات نسب، أما من يخرج على الأنظمة ويدمر عقول وصحة أبناء البلد، فلن يجد غير التطبيق الحازم للشريعة الإسلامية التي تطبقها محاكم هذه البلاد.